﴿تكتمون (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى ويريكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تعقلون (٧٣) ثمَّ قست قُلُوبكُمْ من بعد ذَلِك فَهِيَ كالحجارة أَو أَشد﴾ ﴿ويريكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تعقلون﴾ تمْنَعُونَ أَنفسكُم من الْمعاصِي.
وَقيل: إِنَّمَا خص الْبَقَرَة بذلك الذّبْح؛ لأَنهم كَانُوا قد عبدُوا الْعجل، فَأَرَادَ أَن يُرِيهم هوانها، وَأَنَّهَا تعجز عَن دفع الْقَتْل عَن نَفسهَا.
أَو ابْتَلَاهُم بِالْأَمر بذبحها حَتَّى [يراهم] هَل يقتلُون أم لَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ قست قُلُوبكُمْ من بعد ذَلِك﴾ يَعْنِي يَبِسَتْ وجفت، وجفاف الْقلب بِخُرُوج الرَّحْمَة والرقة عَنهُ. ﴿من بعد ذَلِك﴾ من بعد مَا ظهر لكم من تِلْكَ الْآيَات. ﴿فَهِيَ كالحجارة﴾ يَعْنِي فِي الصلابة ﴿أَو أَشد قسوة﴾.
فَإِن قيل: لم قَالَ: أَو أَشد قسوة و " أَو " كلمة التشكيك؟ وَلم شبه بِالْحِجَارَةِ وَالْحَدِيد أَصْلَب من الْحِجَارَة؟.
قُلْنَا: أما الأول مَعْنَاهُ وَأَشد قسوة. وَقيل: بل أَشد قسوة، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ﴾ أَو بل يزِيدُونَ.
وَقَالَ جمَاعَة النَّحْوِيين: مَعْنَاهُ إِن شِئْت مثلهم بِالْحِجَارَةِ؛ وَإِن شِئْت مثلهم بِمَا هُوَ أَشد من الْحِجَارَة، فَأَنت مُصِيب فِي الْكل. وَهَذَا قَول حسن.
وَإِنَّمَا لم يشبه بالحديد؛ لِأَنَّهُ قَابل للين، فَإِنَّهُ يلين بالنَّار، وَقد لَان لداود عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْحِجَارَة لَا تلين قطّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن من الْحِجَارَة لما يتفجر مِنْهُ الْأَنْهَار﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ جَمِيع الْحِجَارَة. وَقيل: أَرَادَ بِهِ الْحجر الَّذِي كَانَ يضْرب عَلَيْهِ مُوسَى للأسباط.
﴿وَإِن مِنْهَا لما يشقق فَيخرج مِنْهُ المَاء﴾ أَرَادَ بِهِ عيُونا دون الْأَنْهَار، وَتَكون فِي بعض