﴿وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب إِلَّا أماني وَإِن هم إِلَّا يظنون (٧٨) ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ﴾ الْأُمِّي: الَّذِي لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب. وَفِي اشتاقه قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه من الْأُم، فالأمي بَاقٍ على مَا انْفَصل من الْأُم.
وَالثَّانِي: من الْأمة ٠ وَهِي الخليقة، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وَإِن مُعَاوِيَة الأكرمين | حسان الْوُجُوه طوال الْأُمَم) |
﴿لَا يعلمُونَ الْكتاب إِلَّا أماني﴾ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهمَا: قَالَ مُجَاهِد: الْأَمَانِي الأكاذيب.
وَمِنْه قَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: مُنْذُ أسلمت مَا تمنيت وَلَا تَغَنَّيْت أَي: مَا كذبت. وَقَالَ ابْن دأب لرجل ذكر شَيْئا: هَذَا شَيْء رويته أم شَيْء تمنيته. أَي: اختلقته واخترعته من تلقائك.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه التِّلَاوَة، أَي: لَا يعلمُونَ الْكتاب إِلَّا التِّلَاوَة وَمثله وَقَوله: ﴿إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾ أَي: تِلَاوَته. وَقيل فِي عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ:
(تمنى كتاب الله أول ليله | [فياليته] مَا لَاقَى حمام المقادر) |
وَالْقَوْل الثَّالِث: قَالَ الْفراء وَالْكسَائِيّ: هُوَ من التَّمَنِّي، وَذَلِكَ هِيَ أمانيهم الْبَاطِلَة من قَوْلهم ﴿لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة﴾ وَمن قَوْلهم: {لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا