﴿تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم (١٢٧) رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك وأرنا مناسكنا وَتب علينا إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم (١٢٨) رَبنَا وَابعث
{فأمتعه قَلِيلا﴾
يقْرَأ مخففا ومشددا ومعناهما وَاحِد يَعْنِي: أبقيه فِي النِّعْمَة قَلِيلا.
وَإِنَّمَا ذكر الْقَلِيل؛ لِأَن الإمتاع أَصله الطول وَالْكَثْرَة. يُقَال: متع النَّهَار. أَي: طَال وارتفع. ونخلة ماتعة. أَي: طَوِيلَة. وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الإمتاع فِي الدُّنْيَا وَهُوَ قَلِيل؛ لانقطاعه.
﴿ثمَّ اضطره﴾ ألجئه ﴿إِلَى عَذَاب النَّار وَبئسَ الْمصير﴾ أَي: الْمرجع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت﴾ قَالَ الْفراء: الْقَوَاعِد: أسس الْبَيْت.
وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ جدر الْبَيْت، وَحكى أَن ابْن الزبير لما هدم الْبَيْت ليبنيه؛ ظَهرت أَحْجَار بيض كبار فَقَالَ: هَذِه هِيَ الْقَوَاعِد الَّتِي بنى عَلَيْهَا إِبْرَاهِيم الْبَيْت.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا بنى الْبَيْت من خَمْسَة أجبل: طور سيناء، وطور زيتا، ولبنان وَهُوَ جبل بِالشَّام والجودى، وَهُوَ جبل بالجزيرة، وحراء وَهُوَ جبل بِمَكَّة.
وَفِي الْأَخْبَار: أَن الله تَعَالَى بنى فِي السَّمَاء بَيْتا وَهُوَ الْبَيْت الْمَعْمُور، وَيُسمى صراح وَأمر الْمَلَائِكَة أَن يبنوا الْكَعْبَة فِي الأَرْض بحذائه، على قدره ومثاله.
وَقيل: أول من بنى الْكَعْبَة آدم صلوَات الله عَلَيْهِ - فاندرس ذَلِك زمَان الطوفان، ثمَّ أظهره الله تَعَالَى لإِبْرَاهِيم حَتَّى بناه.
قَالَ: ﴿وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا﴾ قَرَأَ أبي بن كَعْب " يَقُولَانِ رَبنَا تقبل منا " وَهُوَ فِي الشواذ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى. ﴿إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك﴾ يَقُول: مستسلمين، خاضعين، منقادين.


الصفحة التالية
Icon