﴿إِلَيْهِ بِإِحْسَان ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم (١٧٨) وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة يَا أولي الْأَلْبَاب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (١٧٩) كتب عَلَيْكُم﴾ قَالَ الْأَزْهَرِي: فِي الْآيَة تَقْدِير: وَمَعْنَاهُ: فَمن جعل لَهُ من مَال أَخِيه يَعْنِي الْقَاتِل أَو فَمن جعل لَهُ من بدل دم أَخِيه يَعْنِي الْمَقْتُول عَفْو أَي: فضل، فَليتبعْ الطَّالِب بِالْمَعْرُوفِ، وليؤد الْمَطْلُوب بِالْإِحْسَانِ.
وَظَاهره يَقْتَضِي أَن أخوة الدّين لَا تَنْقَطِع بَين الْقَاتِل والمقتول، حَيْثُ قَالَ: من أَخِيه، وَهُوَ الَّذِي نقُول بِهِ. وَقيل: مَعْنَاهُ أخوة النّسَب.
وَقيل: إِنَّمَا سَمَّاهُ أَخا حَال إِنْزَال الْآيَة، وَحَال نزُول الْآيَة كَانَ أَخا لَهُ قبل حُصُول الْقَتْل، لَا أَنه يبْقى أَخا لَهُ، فَإِن الْقَتْل يقطع الْمُوَالَاة بَين الْقَاتِل والمقتول، وَيُوجب الْبَرَاءَة [مِنْهُ] ؛ لفسقه وَقَتله.
﴿ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة﴾ وَمَعْنَاهُ: أَن الدِّيَة كَانَت فِي شرع النَّصَارَى حتما، وَالْقصاص فِي شرع الْيَهُود حتما، وخيرت هَذِه الْأمة بَين الْقصاص وَالدية، [فَذَلِك] التَّخْفِيف.
﴿فَمن اعْتدى بعد ذَلِك﴾ أَي: قتل بعد الْعَفو. ﴿فَلهُ عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: الْقصاص.
قَالَ ابْن جريج: إِن الْقصاص حتم عَلَيْهِ، بِحَيْثُ لَا يقبل الْعَفو.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة يَا أولي الْأَلْبَاب﴾ وَمعنى الْحَيَاة: أَنه إِذا فكر أَنه لَو قتل قتل، لم يقتل؛ فَيبقى والمقتول حيين. ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ ترتدعون عَن الْقَتْل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كتب عَلَيْكُم﴾ أَي: فرض عَلَيْكُم {إِذا حضر أحدكُم


الصفحة التالية
Icon