﴿فِيهِ الْقُرْآن هدى للنَّاس وبينات من الْهدى وَالْفرْقَان فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ رَمَضَان.
وَقيل: كَانَ يَصُوم الثَّلَاث فِي أَيَّام الْبيض.
قَالَ ابْن عَبَّاس: أول مَا نسخ بعد الْهِجْرَة: أَمر الْقبْلَة، وَالصَّوْم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ يَعْنِي: بِالصَّوْمِ؛ لِأَن الصَّوْم وصلَة إِلَى التَّقْوَى بِمَا فِيهِ من قهر النَّفس وَكسر الشَّهَوَات.
وَقيل: مَعْنَاهُ لَعَلَّكُمْ تخترزون عَن الشَّهَوَات من الْأكل، وَالشرب، وَالْوَطْء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَيَّامًا معدودات﴾ فَإِن قُلْنَا بنسخ الْآيَة فَهُوَ صَوْم كَانَ وَاجِبا ثمَّ نسخ.
وَإِن قُلْنَا: الْآيَة غير مَنْسُوخَة فَالْمُرَاد بقوله: ﴿أَيَّامًا معدودات﴾ أَيَّام رَمَضَان، وَفِيه إِشَارَة إِلَى التَّيْسِير، حَيْثُ لم يُوجب صَوْم كل السّنة، وَإِنَّمَا أوجبه أَيَّامًا معدودات ﴿فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر﴾ قَالَ دَاوُد وَأهل الظَّاهِر: يجب على الْمُسَافِر صَوْم عدَّة من أَيَّام أخر وَإِن صَامَ رَمَضَان قولا بِظَاهِر الْآيَة.
وَالْجُمْهُور على أَن فِيهِ إضمارا وَتَقْدِيره: فَأفْطر، فَعدَّة من أَيَّام أخر.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي حد الْمَرَض الَّذِي يُبِيح الْفطر، فَقَالَ دَاوُد وَأهل الظَّاهِر: هُوَ مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الْمَرَض. وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين من السّلف. وَقَالَ الْحسن: هُوَ الْمَرَض الَّذِي تجوز مَعَه الصَّلَاة قَاعِدا.
وَمذهب الشَّافِعِي: هُوَ الْمَرَض الَّذِي يخَاف من الصَّوْم مَعَه الزِّيَادَة فِي الْمَرَض.
فَأَما حد السّفر الَّذِي يُبِيح الْفطر اخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ دَاوُد وَمن تَابعه: هُوَ مَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم السّفر. وَمذهب الشَّافِعِي أَنه مَسَافَة الْقصر، سِتَّة عشر فرسخا.


الصفحة التالية
Icon