﴿الله على مَا فِي قلبه وَهُوَ أَلد الْخِصَام (٢٠٤) وَإِذا تولى سعي فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا وَيهْلك﴾
وَفِيه قَول رَابِع: حسن، مَعْنَاهُ: من ترخص بالتعجيل فَلَا إِثْم عَلَيْهِ بالترخص، وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ بترك التَّرَخُّص؛ وَذَلِكَ أَن النَّبِي كَانَ قد ندب إِلَى الرُّخْصَة بقوله: " إِن الله يحب أَن تُؤْتى رخصه كَمَا يحب أَن تُؤْتى عَزَائِمه ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿لمن اتَّقى﴾ قَالَ أَبُو الْعَالِيَة: مَعْنَاهُ: لمن اتَّقى الله بعد الْحَج فِي جَمِيع عمره.
وَقَالَ الْآخرُونَ: مَعْنَاهُ: لمن اتَّقى الْمعاصِي فِي الْحَج، وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَنكُمْ إِلَيْهِ تحشرون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ نزلت الْآيَة فِي الْأَخْنَس بن شريق حَلِيف بني زهرَة فَإِنَّهُ أَتَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: " إِنِّي أحبك، وَأُرِيد أَن أُؤْمِن بك، وَالله يعلم مَا فِي قلبِي، وَكَانَ يبطن بغضه، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُعجبهُ قَوْله (وَيسر بِهِ) فَنزلت الْآيَة: ﴿وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ " يَعْنِي فِي الْعَلَانِيَة.
وَأما قَوْله: ﴿وَيشْهد الله على مَا فِي قلبه﴾ قَرَأَ ابْن مَسْعُود: وشهيد الله على مَا فِي قلبه. وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: وَيشْهد الله على مَا فِي قلبه، وهما فِي الشواذ، وَالْمَعْرُوف هُوَ الأول.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ أَلد الْخِصَام﴾ أَي: شَدِيد الْخُصُومَة قَالَ الشَّاعِر:
(إِن تَحت (التُّرَاب) حزما وجودا | وخصيما أَلد ذَا معلاق) |