﴿أَنكُمْ ملاقوه وَبشير الْمُؤمنِينَ (٢٢٣) وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن تبروا وتتقوا وتصلحوا بَين النَّاس وَالله سميع عليم (٢٢٤) لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي﴾
﴿وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَنكُمْ ملاقوه﴾ صائرون إِلَيْهِ ﴿وَبشر الْمُؤمنِينَ﴾ يَا مُحَمَّد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم﴾ نزلت الْآيَة فِي عبد الله بن رَوَاحَة، كَانَ لَهُ ختن على ابْنَته، فَحلف أَن لَا يبره فَإِذا قيل لَهُ: أَلا تصل ختنك؟ فَقَالَ: حَلَفت وَكَانَ من أقربائه فَنزلت الْآيَة. ﴿وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن تبروا﴾
والعرضة: كل مَا يعْتَرض فَيمْنَع من الشَّيْء. وَمَعْنَاهُ: وَلَا تجْعَلُوا الْحلف بِاللَّه سَببا يمنعكم عَن الْبر وَالتَّقوى.
وَقيل: مَعْنَاهُ: لَا تَسْتَكْثِرُوا من الْإِيمَان؛ فَإِن من كثر يَمِينه فقد جعل اسْم الله عرضة للهتك.
وَفِيه قَول آخر: مَعْنَاهُ: وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن لَا تبروا، " وَلَا " محذوفة، وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

(فَقَالَت يَمِين الله أَبْرَح قَاعِدا وَإِن قطعت رَأْسِي لديك وأوصالي)
أَي: لَا أَبْرَح قَاعِدا.
﴿وتتقوا وتصلحوا بَين النَّاس وَالله سميع عليم﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي إيمَانكُمْ﴾ اللَّغْو: كل مطرح (من) الْكَلَام وَفِي مَعْنَاهُ هَاهُنَا خَمْسَة أَقْوَال:
أَحدهَا: وَهُوَ قَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: يَمِين اللَّغْو: قَول الرجل: لَا وَالله، وبلى وَالله، وإي وَالله. وَهَذَا قَول الشَّافِعِي.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَول أبي هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس: وَهُوَ أَن يحلف الرجل على شَيْء أَنه فعله وَلم يَفْعَله، أَو على عَكسه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة. وَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ الْيَمين فِي


الصفحة التالية
Icon