﴿وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم (٢٧٣) الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا﴾
وَقيل: أَصله من إلحاف؛ فالإلحاف: السُّؤَال على الْعُمُوم، كَأَنَّهُ يسْأَل كل من يلقى.
وَفِيه قَول آخر: أَنه أَرَادَ بِهِ ترك السُّؤَال أصلا؛ فَإِنَّهُ إِذا سَأَلَ فقد ألحف، يعْنى: لَا يسْأَلُون أصلا.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه قَالَ: ﴿أَغْنِيَاء من التعفف﴾ وَإِذا سَأَلَ لَا يكون متعففا، وَقد روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " من سَأَلَ وَعِنْده أُوقِيَّة فقد ألحف ". يَعْنِي: عِنْده أَرْبَعُونَ درهما.
وروى عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لِأَن يَأْخُذ أحدكُم حبله فيحتطب على ظَهره، خير لَهُ من يسْأَل النَّاس أعْطى أَو منع ".
وَقَوله: ﴿وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة﴾.
قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا فِي عَليّ ابْن أبي طَالب، كَانَت لَهُ أَرْبَعَة دَرَاهِم، فَتصدق بدرهم بِاللَّيْلِ، وَدِرْهَم بِالنَّهَارِ، وَدِرْهَم فِي السِّرّ، وَدِرْهَم فِي (العلن) ؛ فَنزلت الْآيَة رضَا بِفِعْلِهِ، وثناء عَلَيْهِ.
وَقيل: أَرَادَ بِالنَّفَقَةِ هَاهُنَا: النَّفَقَة على الْخَيل فِي سَبِيل الله؛ فَإِنَّهَا تعتلف من تِلْكَ النَّفَقَة لَيْلًا وَنَهَارًا، وسرا وَعَلَانِيَة؛ وَالنَّفقَة على الْخَيل فِي سَبِيل الله بَاب عَظِيم فِي


الصفحة التالية
Icon