﴿القاعدين دَرَجَة وكلا وعد الله الْحسنى وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما (٩٥) دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما (٩٦) إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة﴾
﴿غير أولي الضَّرَر﴾ يقْرَأ على وُجُوه: " غير " - بِرَفْع الرَّاء - وَتَقْدِيره: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ الَّذين هم غير أولي الضَّرَر، وَيقْرَأ: بِفَتْح الرَّاء، على الِاسْتِثْنَاء، يعْنى: إِلَّا أولي الضَّرَر، وَقيل: هُوَ نصب على الْحَال، يعْنى: فِي حَال الصِّحَّة، وَانْتِفَاء الضَّرَر، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ أصحاء، وَهَذَا أشهر الْقِرَاءَتَيْن، وَكَذَلِكَ قَرَأَ النَّبِي " غير أولي الضَّرَر " - بِكَسْر الرَّاء يعْنى -، من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر، ﴿فضل الله الْمُجَاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين دَرَجَة﴾ أَرَادَ بالقاعدين هَاهُنَا: أولى الضَّرَر، فضل الْمُجَاهدين عَلَيْهِم بِدَرَجَة؛ لِأَن الْمُجَاهدين باشروا الْجِهَاد مَعَ النِّيَّة، وَأولُوا الضَّرَر كَانَت لَهُم نِيَّة الْجِهَاد، وَلَكِن لم يباشروا؛ فنزلوا عَنْهُم بِدَرَجَة ﴿وكلا وعد الله الْحسنى﴾ يعْنى: الْجنَّة ﴿وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما﴾ وَأَرَادَ بالقاعدين هُنَا: غير أولي الضَّرَر، فضل الله الْمُجَاهدين عَلَيْهِم أجرا عَظِيما
﴿دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة﴾ قَالَ ابْن محيريز: هِيَ سَبْعُونَ دَرَجَة، مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ حضر الْفرس الْمُضمر سبعين سنة، وَفِي الْخَبَر " فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة، مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، أعدهَا الله للمجاهدين فِي سَبيله "، وَقيل: أَرَادَ بالدرجات: الْإِسْلَام، وَالْهجْرَة، وَالْجهَاد، وَالشَّهَادَة فِي الْجِهَاد، وفاز بِتِلْكَ الدَّرَجَات المجاهدون ﴿وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة﴾ قَرَأَ عِيسَى بن عمر النَّحْوِيّ: " تتوفاهم " - بالتائين - وَالْمَعْرُوف " تَوَفَّاهُم " وَأَصله: تتوفاهم، فأدغمت إِحْدَى التائين تَخْفِيفًا، على الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة، فَإِن قَالَ قَائِل: لم قَالَ: تتوفاهم الْمَلَائِكَة والمتوفى ملك وَاحِد، كَمَا قَالَ: ﴿قل يتوفاكم ملك الْمَوْت﴾ ؟ قيل: ذكره بِلَفْظ


الصفحة التالية
Icon