( ﴿١٠٨) هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ جادلتم عَنْهُم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَمن يُجَادِل الله عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة أم من يكون عَلَيْهِم وَكيلا (١٠٩) وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما (١١٠) وَمن يكْسب إِثْمًا فَإِنَّمَا يكسبه على نَفسه وَكَانَ الله عليما حكيما (١١١) وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا فقد احْتمل بهتانا وإثما مُبينًا (١١٢) وَلَوْلَا فضل الله﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يكْسب إِثْمًا فَإِنَّمَا يكسبه على نَفسه﴾ سَبَب هَذَا أَن قومه قَالُوا لَهُ: تب إِلَى الله، فَحلف أَنى مَا سَرقته، وَإِنَّمَا سَرقه الْيَهُودِيّ؛ فَذَلِك الَّذِي يَقُول الله - تَعَالَى - وَمن كَسبه الْإِثْم ﴿وَكَانَ الله عليما حكيما﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا﴾ هُوَ سَرقته الَّتِي ذكرنَا، ﴿ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا﴾ هُوَ نسبته السّرقَة إِلَى الْيَهُودِيّ الَّذِي كَانَ بَرِيئًا عَنْهَا ﴿فقد احْتمل بهتانا وإثما مُبينًا﴾ فالبهتان: الْكَذِب الَّذِي يتحير مِنْهُ الْإِنْسَان، وَهُوَ البهت، وَأَرَادَ بالإثم الْمُبين: الْيَمين الْفَاجِرَة.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته﴾ هَذَا خطاب للرسول ﴿لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك﴾ يعْنى: قوم طعمه، هموا أَن يلبسوا عَلَيْك؛ لتدافع عَنهُ ﴿وَمَا يضلون إِلَّا أنفسهم﴾ أَي: يرجع وباله عَلَيْهِم ﴿وَمَا يضرونك من شئ﴾ يعْنى: ضَرَره عَائِد عَلَيْهِم، وَلَا يَضرك؛ لِأَنَّك مَعْصُوم ﴿وَأنزل الله عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ: وَأنزل الله عَلَيْك الْكتاب بالحكمة، وَقيل: أَرَادَ بِالْكتاب: الْقُرْآن، وبالحكمة: السّنة ﴿وعلمك مَا لم تكن تعلم﴾ يعْنى: من أَحْكَام الْقُرْآن، وَقيل: من علم الْغَيْب، وَقيل: علمك قدرك، وَلم تكن تعلمه ﴿وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة﴾. النَّجْوَى: السرائر فِي التَّدْبِير، قَالَ الزّجاج: كل مَا انْفَرد بتدبيره قوم يَخُوضُونَ فِيهِ؛ فَهُوَ نجوى: سرا كَانَ أَو عَلَانيَة، وَأَرَادَ هَاهُنَا: نجوى قوم طعمه وتدبيرهم، وَقيل: هُوَ فِي جَمِيع الْحَوَادِث.
﴿إِلَّا من أَمر بِصَدقَة﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ إِلَّا نجوى من أَمر بِصَدقَة، وَقيل: هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، يعْنى: لَكِن من أَمر بِصَدقَة ﴿أَو مَعْرُوف﴾ وَهُوَ كل مَا عرفه الشَّرْع {أَو