﴿لأتخذن من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا (١١٨) ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الْأَنْعَام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله وَمن يتَّخذ الشَّيْطَان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا﴾ يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة، ويصورون الْأَصْنَام على صور الْمَلَائِكَة، وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: " إِلَّا أنثا " جمع الْأَوْثَان، وَقَرَأَ فِي الشواذ أَيْضا " إِلَّا أنثا " جمع الْإِنَاث؛ فَيكون على جمع الْجمع كالمثل. ﴿وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا مرِيدا﴾ ؛ لأَنهم إِذا عبدُوا الْأَصْنَام، فقد أطاعوا الشَّيْطَان، وَأَرَادَ بِهِ: إِبْلِيس، والمريد العاتي المتمرد، وَحَقِيقَته: العاري من كل خير، وَمِنْه الْأَمْرَد، وَيُقَال: شَجَرَة مرداء، إِذا تساقطت أَغْصَانهَا.
﴿لَعنه الله﴾ أَي: أبعده الله من الرَّحْمَة؛ معاقبة، وَلذَلِك لَا يجوز لعن الْبَهَائِم؛ لِأَنَّهَا لَا تستوجب الْعقُوبَة، والطرد عَن الرَّحْمَة. ﴿وَقَالَ لأتخذن من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا﴾ أَي: مِقْدَارًا مَعْلُوما، قيل فِي التَّفْسِير: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ للشَّيْطَان وَوَاحِد لله. وأصل الْفَرْض: الحز وَالْقطع، وَمِنْه فرض الْقوس: وَهُوَ الشق الَّذِي يَجْعَل فِيهِ الْوتر. وَمِنْه فرض السِّوَاك: وَهُوَ الْموضع الَّذِي يَجْعَل فِيهِ الْخَيط، وَمِنْه فرضة الْبَحْر: وَهُوَ المشرع الَّذِي توقف إِلَيْهِ السَّفِينَة، وَالْفَرْض: نوع من التَّمْر يكون بعمان، قَالَ الشَّاعِر:
(إِذا أكلت سمكًا وفرضا | ذهبت طولا وَذَهَبت عرضا) |