بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿آلر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم (١) أَكَانَ للنَّاس عجبا﴾
تَفْسِير سُورَة يُونُس
وَهِي مَكِّيَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك﴾ إِلَى آخر الْآيَات الثَّلَاث.
وَحكى عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه قَالَ: هَذِه السُّورَة كَانَت بعد السُّورَة السَّابِقَة.
قَوْله تَعَالَى ﴿آلر﴾ روى أَبُو الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿آلر﴾ أَنا الله أرى. وروى عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الر، وحم، وَنون هُوَ تَمام اسْم الرَّحْمَن.
وَفِي الْحُرُوف المهجيات أَقْوَال ذَكرنَاهَا فِي أول سُورَة الْبَقَرَة.
وَقَوله: ﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ: هَذِه آيَات الْكتاب. قَالَ الشَّاعِر:
(تِلْكَ خيلي مِنْهُ وَتلك ركابي هن صفر أَوْلَادهَا كالزبيب)
وَقَالَ الزّجاج: معنى الْآيَة: وَهُوَ أَن الْآيَات الَّتِي أنزلتها عَلَيْك من قبل ﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم﴾ وَالْكتاب: هُوَ الْقُرْآن، والحكيم: هُوَ الْمُحكم، على قَول أَكثر الْمُفَسّرين، فعيل بِمَعْنى مفعل، مثل قَوْله: ﴿هَذَا مَا لَدَى عتيد﴾ أَي: مُعْتَد. وَقَالَ بَعضهم: الْحَكِيم على وَضعه، وسمى الْقُرْآن حكيما؛ لِأَنَّهُ كالناطق بالحكمة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَكَانَ للنَّاس عجبا﴾ الْعجب: حَالَة تعتري الْإِنْسَان من رُؤْيَة شَيْء على خلاف الْعَادة.
وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة: أَن الله تَعَالَى لما بعث مُحَمَّدًا قَالَ الْمُشْركُونَ: أما وجد


الصفحة التالية
Icon