بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿الر تِلْكَ آيَات الْكتاب وَقُرْآن مُبين (١) رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين﴾تَفْسِير سُورَة الْحجر وَهِي مَكِّيَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿الر﴾ مَعْنَاهُ: أَنا الله أرى، وَقيل: " الر "، و " حم " و " ن " هُوَ الرَّحْمَن. ﴿تِلْكَ آيَات الْكتاب﴾ مَعْنَاهُ: هَذِه آيَات الْكتاب.
﴿وَقُرْآن مُبين﴾ مَعْنَاهُ: أَنه يبين الْحَلَال من الْحَرَام، وَالْحق من الْبَاطِل، فَإِن قَالَ قَائِل: الْقُرْآن هُوَ الْكتاب، وَالْكتاب هُوَ الْقُرْآن، فأيش فَائِدَة الْجمع بَينهمَا؟
الْجَواب: أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُفِيد معنى لَا يفِيدهُ الآخر، فَإِن الْكتاب هُوَ مَا يكْتب، وَالْقُرْآن هُوَ مَا يجمع بعضه إِلَى بعض، وَقيل: إِن المُرَاد من الْكتاب هُوَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، وَالْقُرْآن هُوَ الَّذِي أنزلهُ الله تَعَالَى على مُحَمَّد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين﴾ اعْلَم أَن كم للتكثير، وَرب للتقليل، وَيُقَال: رُبمَا للتشديد، وَرُبمَا بِالتَّخْفِيفِ، وربتما بِالتَّاءِ بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ الشَّاعِر:
(ماوي يَا ربتما غَارة | شعواء كاللذعة بالميسم) |
وَاخْتلف القَوْل فِي الْحَال الَّذِي يتَمَنَّى الْكفَّار هَذَا، - والود هُوَ التَّمَنِّي -[فَالْقَوْل] الأول: أَنه فِي حَال المعاينة، وَهَذَا قَول الضَّحَّاك.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يَوْم الْقِيَامَة، وَالْقَوْل الثَّالِث - وَهُوَ الْأَشْهر -: أَنه حِين يخرج