﴿من كل شَيْء مَوْزُون (١٩) وَجَعَلنَا لكم فِيهَا معايش وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين (٢٠) وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح فأنزلنا﴾
وَقَوله: ﴿وأنبتنا فِيهَا من كل شَيْء مَوْزُون﴾ أَي: مَعْلُوم، وَيُقَال: من كل شَيْء مَوْزُون مَعْنَاهُ: من الْحَدِيد والرصاص والنحاس وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وكل مَا يُوزن.
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا لكم فِيهَا معايش﴾ قيل: إِنَّهَا المطاعم والمشارب والملابس، وَقيل: إِنَّهَا مَا يَعش بِهِ الْمَرْء فِي الدُّنْيَا، قَالَ جرير شعرًا:

(تطالبني معيشة آل زيد وَمن لي (بالمرقق وَالصِّنَاب))
الضباب من الآجار، وَغير ذَلِك من (اللوامخ) ﴿وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين﴾ مَعْنَاهُ: جعلنَا فِيهَا معايش لكم، وَجَعَلنَا فِيهَا من لَسْتُم (فِيهَا) برازقين، وَهِي الدَّوَابّ والطيور والوحوش. وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَنا جعلنَا لكم فِيهَا معايش، وَجَعَلنَا لكم أَيْضا الدَّوَابّ والطيور والأنعام، وكفيناكم رزقها، فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ: " وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين "، و " من " إِنَّمَا تقال فِيمَن يعقل لَا فِيمَن لَا يعقل؟.
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن العبيد والمماليك قد دخلُوا فِي هَؤُلَاءِ، وَالْعرب إِذا جمعت بَين من يعقل وَبَين من لَا يعقل غلبت من يعقل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه﴾ يَعْنِي: مَفَاتِيح خزائنه، وَقيل: إِنَّهَا نفس الخزائن، وَمعنى الخزائن أَنه إِذا قَالَ: كن كَانَ.
قَوْله: ﴿وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم﴾ أَي: إِلَّا بِقدر مَعْلُوم فِي وَقت مَعْلُوم، وَيُقَال: إِنَّه لَا تنزل قَطْرَة من السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهَا ملك يَسُوقهَا حَيْثُ يُرِيد الله، وَالله أعلم.


الصفحة التالية
Icon