﴿بشرا من صلصال من حمأ مسنون (٢٨) فَإِذا سويته ونفخت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين (٢٩) فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيس أَبى أَن يكون مَعَ﴾ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار جَمِيعًا، وَقيل: نَار السمُوم لهيب النَّار.
وَفِي بعض الْآثَار عَن عبد الله بن مَسْعُود: أَن هَذَا السمُوم الَّذِي نرَاهُ جُزْء من سبعين جُزْءا من سموم جَهَنَّم. وَيُقَال: من نَار السمُوم أَي: من نَار جَهَنَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي خَالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون﴾ قد ذكرنَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا سويته﴾ أَي: صورته. وَقَوله: ﴿ونفخت فِيهِ من روحي﴾ الرّوح: جسم لطيف يحيا بِهِ الْإِنْسَان، [وأضافها] إِلَى نَفسه تَشْرِيفًا وتكريما.
وَقَوله: ﴿فقعوا لَهُ ساجدين﴾ أَي: أسقطوا لَهُ ساجدين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ﴾ فِي بعض التفاسير: أَنه قَالَ لجَماعَة من الْمَلَائِكَة: اسجدوا لآدَم فَلم يَفْعَلُوا؛ فَجَاءَت نَار وأحرقتهم جَمِيعًا، ثمَّ قَالَ لجَماعَة آخَرين: اسجدوا لآدَم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس.
وَقَوله: ﴿كلهم أَجْمَعُونَ﴾ فِيهِ سُؤال مَعْرُوف، وَهُوَ أَنه يُقَال: لما قَالَ ﴿فَسجدَ الْمَلَائِكَة﴾ ؟ فأيش فَائِدَة قَوْله: ﴿كلهم أَجْمَعُونَ﴾ ؟.
وَالْجَوَاب: أَن الْخَلِيل وسيبويه زعما أَن هَذَا تَأْكِيدًا بعد تَأْكِيد، (وَذكر) الْمبرد أَن قَوْله: ﴿فَسجدَ الْمَلَائِكَة﴾ كَانَ من الْمُحْتَمل أَن بَعضهم سجد؛ فَذكر كلهم ليزيل هَذَا الْإِشْكَال، ثمَّ كَانَ يحْتَمل أَنهم سجدوا فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة؛ فَذكر أَجْمَعُونَ ليزيل الالتباس.
وَقَوله: ﴿إِلَّا إِبْلِيس أَبى أَن يكون مَعَ الساجدين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: