﴿قَالَ فَإنَّك من المنظرين (٣٧) إِلَى يَوْم الْوَقْت الْمَعْلُوم (٣٨) قَالَ رب بِمَا أغويتني لأزينن لَهُم فِي الأَرْض ولأغوينهم أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين (٤٠) قَالَ هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم (٤١) إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب بِمَا أغويتني﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن مَعْنَاهُ: بِمَا أضللتني، وَقيل: بِمَا خيبتني من رحمتك، وَقيل: بِمَا أهلكتني، وَيُقَال: بِمَا نسبتني إِلَى الغواية، وَهُوَ تَأْوِيل بَاطِل عِنْد أهل السّنة.
وَقَوله: ﴿لأزينن لَهُم فِي الأَرْض﴾ مَعْنَاهُ: لأزينن لَهُم حب الدُّنْيَا والغواية. وَقَوله: ﴿ولأغوينهم أَجْمَعِينَ﴾ أَي: لأضلنهم أَجْمَعِينَ، وَالْمرَاد من إغواء إِبْلِيس تسببه إِلَى الغواية.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين﴾ والمخلصين: ظَاهر الْمَعْنى، وَقد بَينا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم﴾ أَكثر أهل الْمعَانِي على أَن الْآيَة للتهديد والوعيد، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: طريقك عَليّ، مسيرك إِلَيّ، أَي: لَا تفلت مني. وَهَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن رَبك لبالمرصاد﴾ أَي: على طَرِيق الْخلق.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن معنى قَوْله: ﴿هَذَا صِرَاط عَليّ﴾ أَي: إِلَيّ.
وَقَوله ﴿مُسْتَقِيم﴾ أَي: بأَمْري وإرادتي.
وَالْقَوْل الثَّالِث: صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم أَي: عَليّ استقامته بِالْبَيَانِ والبرهان والتوفيق وَالْهِدَايَة، وَقَرَأَ الْحسن وَابْن سِيرِين: " هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم " أَي: رفيع، وعبروا عَنهُ: رفيع من أَن ينَال، مُسْتَقِيم من أَن يمال، وَقَالَ الشَّاعِر فِي الصِّرَاط بِمَعْنى الطَّرِيق:
(أَمِير الْمُؤمنِينَ على صِرَاط | إِذا اعوج الْمَوَارِد مُسْتَقِيم) |