( ﴿٥٥) قَالَ وَمن يقنط من رَحْمَة ربه إِلَّا الضالون (٥٦) قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ (٥٧) قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين (٥٨) إِلَّا آل لوط إِنَّا لمنجوهم أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلَّا امْرَأَته قَدرنَا إِنَّهَا لمن الغابرين (٦٠) فَلَمَّا جَاءَ آل لوط المُرْسَلُونَ (٦١) قَالَ إِنَّكُم قوم منكرون (٦٢) قَالُوا بل جئْنَاك بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون (٦٣) وأتيناك بِالْحَقِّ وَإِنَّا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ وَمن يقنط من رَحْمَة ربه إِلَّا الضالون﴾ يَعْنِي: إِلَّا الْكَافِرُونَ، والقنوط من رَحْمَة الله كَبِيرَة من الْكَبَائِر كالأمن من مكر الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ﴾ قد ذكرنَا مَعْنَاهُ فِي سُورَة هود.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين﴾ أَرَادَ بِهِ قوم لوط.
وَقَوله: ﴿إِلَّا آل لوط﴾ المُرَاد مِنْهُ لوط وَبنَاته وَمن آمن بِهِ، وَقد ذكرنَا. وَقَوله: ﴿إِنَّا لمنجوهم أَجْمَعِينَ﴾ هَذَا اسْتثِْنَاء من الِاسْتِثْنَاء، فالاستثناء الأول من المهلكين، وَالثَّانِي من المنجين، فَبَقيَ الْمُسْتَثْنى بِالِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فِي المهلكين وَهُوَ امْرَأَته، وَهَذَا مثل مَا يَقُول الرجل لَك: على عشرَة إِلَّا أَرْبَعَة إِلَّا ثَلَاثَة، فالمستثنى بِالِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي (بَقِي) فِي الْمقر بِهِ بِالْإِقْرَارِ الأول، فَيصير كَأَنَّهُ اسْتثْنى درهما، وَيجب تِسْعَة دَرَاهِم.
وَقَوله: ﴿قَدرنَا﴾ أَي: حكمنَا. وَقَوله: ﴿إِنَّهَا لمن الغابرين﴾ أَي: من البَاقِينَ فِي الْعَذَاب، قَالَ الشَّاعِر:
(لَا تكسع الشول بأغبارها | إِنَّك لَا تَدْرِي من الناتج) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ آل لوط المُرْسَلُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّكُم قوم منكرون﴾ لِأَنَّهُ لم يعرفهُمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا بل جئْنَاك بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون﴾ أَي: يَشكونَ، وَفِي الْقِصَّة: أَن لوطا كَانَ يتوعدهم بِالْعَذَابِ، فَلَا يصدقونه فَهُوَ فِي معنى قَوْله: ﴿بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون﴾.