﴿فَهُوَ وليهم الْيَوْم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم (٦٣) وَمَا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب إِلَّا لتبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ وَهدى وَرَحْمَة لقوم يُؤمنُونَ (٦٤) وَالله أنزل من السَّمَاء مَاء فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يسمعُونَ (٦٥) وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة﴾ من قبلك. وَقَوله: ﴿فزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم﴾ يَعْنِي: كفرهم وجحودهم. وَقَوله: ﴿فَهُوَ وليهم الْيَوْم﴾ سَمَّاهُ وليا لَهُم لطاعتهم إِيَّاه. وَقَوله: ﴿وَلَهُم عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: مؤلم.
قَوْله: ﴿وَمَا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب إِلَّا لتبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ﴾ الْفرق بَين التَّبْيِين والتمييز، أَن فِي التَّبْيِين طلب الْعلم، وَلَيْسَ فِي التَّمْيِيز طلب الْعلم، فَإِن الرجل يُمَيّز بَين الْجيد والردىء (مَعَ علمه) بهما.
وَقَوله: ﴿اخْتلفُوا فِيهِ﴾ أَي: فِي الْكتاب. وَقَوله: ﴿وَهدى وَرَحْمَة لقوم يُؤمنُونَ﴾ مَعْنَاهُ: أَن الْكتاب هدى وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين، وَقيل: إِن الرَّسُول هدى وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله أنزل من السَّمَاء مَاء﴾ أَي: الْمَطَر. وَقَوله: ﴿فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا﴾ أَي: بالنبات. وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يسمعُونَ﴾ يَعْنِي: يسمعُونَ سَماع التفهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم﴾ قرىء بِالنّصب وَالرَّفْع، أما بِالنّصب فمعلوم الْمَعْنى، وَأما بِالرَّفْع فَهُوَ أَن يَجْعَل لكم سقيا، قَالَ الشَّاعِر فِي الْفرق بَينهمَا:
(سقى قومِي بني مجد وأسقي | نميرا والقبائل من هِلَال) |
قَوْله:
﴿مِمَّا فِي بطونه﴾ فَإِن قيل: كَيفَ لم يقل: مِمَّا فِي بطونها، والأنعام جمع؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن مَعْنَاهُ: مِمَّا فِي بطُون كل وَاحِد مِنْهُمَا أَو كل نوع مِنْهَا، وَالْعرب قد تحذف مثل هَذَا، قَالَ الشَّاعِر:
(أَلا يَا سُهَيْل فالقطيخ قد فسد | وطاب ألبان اللقَاح فبرد) |
الصفحة التالية