( ﴿٦٩) وَالله خَلقكُم ثمَّ يتوفاكم ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكَي لَا يعلم بعد علم شَيْئا إِن الله عليم قدير (٧٠) وَالله فضل بَعْضكُم على بعض فِي الرزق فَمَا الَّذين فضلوا﴾ دَرَاهِم من مهرهَا وليشتر بهَا عسلا، وليخلطه بِمَاء الْمَطَر وليشربه؛ فَإِن فِيهِ شِفَاء.
وَكَانَ ابْن عمر إِذا أَصَابَهُ وجع طلى على مَوضِع الوجع بالعسل حَتَّى الدمل: وَعَن أبي حرَّة أَنه كَانَ يكتحل بالعسل. وَقَوله: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يتفكرون﴾ أَي: يتدبرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله خَلقكُم ثمَّ يتوفاكم ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر﴾ يَعْنِي: الْهَرم، وَعَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: إِنَّه خمس وَسَبْعُونَ سنة، وَقيل: ثَمَانُون سنة، حَكَاهُ قطرب. وَقيل: تسعون سنة، وَعَن عِكْرِمَة قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَا يذهب عقله وَلَا يخرف، وَقيل: إِن الرَّد إِلَى أرذل الْعُمر للْكَافِرِينَ؛ فَإِن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا﴾.
وَقَوله: ﴿لكيلا يعلم بعد علم شَيْئا﴾ يَعْنِي: ينتقص علمه وعقله، وَهَذَا دَلِيل على أَنه قد يذكر الشَّيْء، وَيُرَاد بِهِ الْأَغْلَب، فَإِنَّهُ إِذا رد إِلَى أرذل الْعُمر لَا يذهب جَمِيع علمه إِذا، وَإِنَّمَا يذهب أَكثر علمه. وَقَوله: ﴿إِن الله عليم قدير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله فضل بَعْضكُم على بعض فِي الرزق﴾ مَعْنَاهُ: بسط لهَذَا وضيق على هَذَا، وَأكْثر لهَذَا وقلل.
وَقَوله: ﴿فَمَا الَّذين فضلوا برادي رزقهم على مَا ملكت أَيْمَانهم﴾ فِي الْآيَة رد على الْمُشْركين فِي اتخاذهم الْأَصْنَام آلِهَة مَعَ الله، وَمعنى الْآيَة: أَن الْأَحْرَار المالكين مِنْكُم لَا تسخو أنفسهم بِدفع أَمْوَالهم إِلَى عبيدهم ليشاركوهم فِي الْملك، فَيَكُونُوا وهم سَوَاء؛ فَإِذا لم ترضوا هَذَا لأنفسكم؛ فَأولى أَن تنزهوا ربكُم عَنهُ، وَنَظِير هَذَا مَا ذكر فِي سُورَة الرّوم: ﴿ضرب لكم مثلا من أَنفسكُم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فَأنْتم فِيهِ سَوَاء﴾.


الصفحة التالية
Icon