﴿رزقناه منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا هَل يستوون الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (٧٥) وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم لَا يقدر على شَيْء وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يوجهه لَا يَأْتِ بِخَير هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط﴾ النّحاس فِي تَفْسِيره بِإِسْنَادِهِ.
وَقَوله: ﴿هَل يستوون﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: ﴿هَل يستوون﴾، وَإِنَّمَا ضرب الْمثل لاثْنَيْنِ؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن المُرَاد مِنْهُ الْجِنْس لَا وَاحِد بِعَيْنِه. وَقَوله: ﴿الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى. أَي: حمد نَفسه على علمه وجهلهم، وَقيل: مَعْنَاهُ: قل الْحَمد لله على مَا أوضح من الدَّلِيل. وَبَين من الْحق بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ، وَيُقَال: الْحَمد لي فَإِنِّي أَنا الْمُسْتَحق للحمد لَا مَا يشركُونَ بِي، بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ أَنِّي أَنا الْمُسْتَحق للحمد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم﴾ الأبكم: هُوَ الَّذِي لَا ينْطق، وَلَا يعقل، وَلَا يفهم. وَقَوله: ﴿لَا يقدر على شَيْء﴾ أَي: لَا يقدر على النُّطْق.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ﴾ أَي: ثقل على مَوْلَاهُ. وَقَوله: ﴿أَيْنَمَا يوجهه لَا يَأْتِ بِخَير﴾ يَعْنِي: أَيْنَمَا يَبْعَثهُ لَا يَهْتَدِي إِلَى خير. وَقَوله: ﴿هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ﴾ عَنى بِهِ نَفسه، وَالله تَعَالَى يَأْمر بِالْعَدْلِ، وَيفْعل الْعدْل.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَي: على طَرِيق قويم، وَالْمرَاد من الْآيَة: ضرب مثلا آخر لنَفسِهِ وللأصنام، فَالْأول هُوَ الصَّنَم، وَالْمرَاد من قَوْله: ﴿وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ﴾ هُوَ الله تَعَالَى. وَقَوله: ﴿على صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ لِأَن الله تَعَالَى على طَرِيق الْحق، وَلَيْسَ عَنهُ معدل.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ مَا روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْآيَة فِي رجلَيْنِ بأعيانهما: أما الأول: فَهُوَ أسيد بن أبي العيض. وَقَوله: ﴿وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ﴾ هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان، وَكَانَ عُثْمَان يَأْمُرهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَا يسلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ يَعْنِي: علم غيب السَّمَوَات


الصفحة التالية
Icon