﴿مُسْتَقِيم (٧٦) وَللَّه غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب إِن الله على كل شَيْء قدير (٧٧) وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تشكرون (٧٨) ألم يرَوا إِلَى الطير مسخرات فِي جو السَّمَاء مَا يمسكهن إِلَّا الله إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يُؤمنُونَ (٧٩) ﴾ وَالْأَرْض. وَقَوله: ﴿وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر﴾ مَعْنَاهُ: أَنه إِذا قَالَ لَهُ: كن فَيكون.
وَقَوله: ﴿أَو هُوَ أقرب﴾ يَعْنِي: أدنى من لمح الْبَصَر، فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: ﴿أَو هُوَ أقرب﴾، و " أَو " للشَّكّ وَلَا يجوز على الله هَذَا؟
وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن قَوْله: ﴿أَو هُوَ أقرب﴾ يَعْنِي: بل هُوَ أقرب قَالَ الشَّاعِر:
(بَدَت مثل قرن الشَّمْس فِي رونق الضُّحَى | وبهجته أَو أَنْت فِي الْعين أَمْلَح) |
وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَن المُرَاد مِنْهُ: أَو هُوَ أقرب فِي علمكُم. وَقَوله: ﴿إِن الله على كل شَيْء قدير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا﴾ يَعْنِي: لَا تعلمُونَ شَيْئا مِمَّا علمْتُم الْآن.
وَقَوله: ﴿وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة﴾ أَي: الأسماع والأبصار والأفئدة، وَهِي جمع الْفُؤَاد. وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾ أَي: نعمتي عَلَيْكُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم يرَوا إِلَى الطير مسخرات فِي جو السَّمَاء﴾ أَي: مذلالات فِي كبد السَّمَاء، وَعَن كَعْب الْأَحْبَار أَن الطير يرْتَفع اثنى عشر ميلًا وَلَا يرْتَفع فَوق هَذَا. وَفَوق الجو السكاك وَفَوق السكاك السَّمَاء.
وَقَوله: ﴿مَا يمسكهن إِلَّا الله﴾ يَعْنِي: فِي حَال طيرانهن وقبضهن وبسطهن.