﴿وَيَوْم نبعث من كل أمة شَهِيدا ثمَّ لَا يُؤذن للَّذين كفرُوا وَلَا هم يستعتبون (٨٤) وَإِذا رأى الَّذين ظلمُوا الْعَذَاب فَلَا يُخَفف عَنْهُم وَلَا هم ينظرُونَ (٨٥) وَإِذا رأى الَّذين أشركوا شركاءهم قَالُوا رَبنَا هَؤُلَاءِ شركاؤنا الَّذين كُنَّا نَدْعُو من دُونك فَألْقوا إِلَيْهِم القَوْل إِنَّكُم لَكَاذِبُونَ (٨٦) وألقوا إِلَى الله يَوْمئِذٍ السّلم وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون﴾ وَالْقُرْآن، وَالْإِسْلَام، والعافية، والستر، والاستغناء عَن النَّاس.
وَقَوله: ﴿وَأَكْثَرهم الْكَافِرُونَ﴾ يَعْنِي: وَكلهمْ الْكَافِرُونَ؛ لِأَن الْآيَة فِي الْكفَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَوْم نبعث من كل أمة شَهِيدا﴾ هَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا﴾.
وَقَوله: (ثمَّ لَا يُؤذن للَّذين كفرُوا) يَعْنِي: فِي الِاعْتِذَار، وَقيل: فِي الْكَلَام أصلا. وَقَوله: ﴿وَلَا هم يستعتبون﴾ يَعْنِي: لَا يردون إِلَى الدُّنْيَا ليتوبوا، وَحَقِيقَة الْمَعْنى فِي الاستعتاب: هُوَ التَّعْرِيض لطلب الرِّضَا، وَهَذَا الْبَاب منسد على الْكفَّار فِي الْآخِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا رأى الَّذين ظلمُوا الْعَذَاب﴾ يَعْنِي: جَهَنَّم. وَقَوله: ﴿فَلَا يُخَفف عَنْهُم﴾ أَي: لَا يسهل عَلَيْهِم. وَقَوله: ﴿وَلَا هم ينظرُونَ﴾ أَي: لَا يمهلون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا رأى الَّذين أشركوا شركاءهم﴾ هَذَا فِي الْوَقْت الَّذِي يبْعَث الله الْأَصْنَام ويحضرها، فَإِذا رَآهَا الْكفَّار ﴿قَالُوا رَبنَا هَؤُلَاءِ شركاؤنا الَّذين كُنَّا ندعوا من دُونك﴾.
وَقَوله: ﴿فَألْقوا إِلَيْهِم القَوْل إِنَّكُم لَكَاذِبُونَ﴾ فِيهِ قَولَانِ:
الْأَظْهر أَن هَذَا قَول الْأَصْنَام يَقُولُونَ للْمُشْرِكين: إِنَّكُم لَكَاذِبُونَ، يَعْنِي: فِي أَنا دعوناكم إِلَى عبادتنا، أَو فِي قَوْلكُم: إِن هَؤُلَاءِ آلِهَة، أَو فِي قَوْلكُم: إِنَّا نستحق الْعِبَادَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْمَلَائِكَة يَقُولُونَ: إِنَّكُم لَكَاذِبُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وألقوا إِلَى الله يَوْمئِذٍ السّلم﴾ أَي: استسلم العابد والمعبود لله