﴿بشر لِسَان الَّذِي يلحدون إِلَيْهِ أعجمي وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبين (١٠٣) إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله لَا يهْدِيهم الله وَلَهُم عَذَاب أَلِيم (١٠٤) إِنَّمَا يفتري الْكَذِب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله وَأُولَئِكَ هم الْكَاذِبُونَ (١٠٥) ﴾ وَقَوله: ﴿أعجمي﴾ الأعجمي: هُوَ الَّذِي لَا يفصح بِالْعَرَبِيَّةِ.
وَقَوله: ﴿وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبين﴾ أَي: كَلَام عَرَبِيّ مُبين، وَمعنى الْآيَة: أَنه كَيفَ يَأْخُذ مِنْهُم، وهم لَا يفصحون بِالْعَرَبِيَّةِ؟ وَقد رُوِيَ أَن ذَلِك الرجل الَّذِي كَانُوا يشيرون إِلَيْهِ أسلم، وَحسن إِسْلَامه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله لَا يهْدِيهم الله﴾ يَعْنِي: لَا يرشدهم الله إِلَى الْحق، وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه﴾.
وَقَوله: ﴿وَلَهُم عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: مؤلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يفتري الْكَذِب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله وَأُولَئِكَ هم الكذبون﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ: ﴿إِنَّمَا يفتري الْكَذِب﴾ فأيش معنى قَوْله: ﴿وَأُولَئِكَ هم الْكَاذِبُونَ﴾ ؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن قَوْله: ﴿إِنَّمَا يفتري الْكَذِب﴾ هَذَا إِخْبَار عَن فعل الْكَذِب، وَقَوله: ﴿وَأُولَئِكَ هم الْكَاذِبُونَ﴾ نعت لَازم، وَمَعْنَاهُ: أَن هَذَا صفتهمْ ونعتهم، وَهَذَا كَالرّجلِ يَقُول لغيره: كذبت، وَأَنت كَاذِب أَي: كذبت فِي هَذَا القَوْل، وَمن صِفَتك الْكَذِب. وَفِي بعض المسانيد عَن يعلى بن الْأَشْدَق عَن عبد الله بن جَراد أَنه قَالَ: " قلت يَا رَسُول الله: الْمُؤمن يَزْنِي؟ قَالَ: قد يكون ذَلِك، فَقلت: الْمُؤمن يسرق؟ قَالَ: قد يكون ذَلِك، فَقلت الْمُؤمن يكذب؟ فَقَالَ: لَا، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يفتري الْكَذِب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله﴾ " وَعَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ


الصفحة التالية
Icon