﴿كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) ادْع إِلَى سَبِيل رَبك بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن إِن رَبك هُوَ أعلم بِمن ضل عَن سَبيله وَهُوَ أعلم بالمهتدين (١٢٥) وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين﴾ بَعضهم: اخْتلفُوا فِيهِ أَي: حرم بَعضهم، وَأحل بَعضهم يَعْنِي: السبت.
وَقَالَ مُجَاهِد: كَانَ الله تَعَالَى أَمرهم بِالْجمعَةِ فَأَبَوا، وطلبوا السبت فَشدد عَلَيْهِم فِيهِ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى أمروا بِالْجمعَةِ فَأَبَوا، وطلبوا الْأَحَد، وَأعْطى الله تَعَالَى الْجُمُعَة لهَذِهِ الْأمة فقبلوا، وبورك لَهُم فِيهَا، وَفِي الْبَاب خبر صَحِيح قد بَيناهُ من قبل.
قَوْله: ﴿وَإِن رَبك ليحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ادْع إِلَى سَبِيل رَبك﴾ إِلَى دين رَبك. وَقَوله: ﴿بالحكمة﴾ أَي: بِالْقُرْآنِ، وَقيل: الْحِكْمَة معرفَة الْأَشْيَاء على مراتبها فِي الْحسن والقبح، وَقيل: الدُّعَاء بالحكمة هُوَ الرَّد عَن الْقَبِيح إِلَى الْحسن بِشَرْط الْعلم.
وَقَوله: ﴿وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة﴾ الموعظة هِيَ الدُّعَاء إِلَى الله بالترغيب والترهيب، وَقيل: الموعظة الْحَسَنَة هِيَ القَوْل اللين الرَّقِيق من غير غلظة وَلَا تعنيف.
وَقَوله: ﴿وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ أَي: مَعَ الْإِعْرَاض عَن أذاهم لَك وَالصَّبْر على مكروههم، وَقد نسخ هَذَا بِآيَة السَّيْف.
وَقَوله: ﴿إِن رَبك هُوَ أعلم بِمن ضل عَن سَبيله وَهُوَ أعلم بالمهتدين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ أَكثر أهل التَّفْسِير أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِيمَا فعله الْمُشْركُونَ بِحَمْزَة وَأَصْحَابه؛ فَإِنَّهُ يرْوى: " أَن النَّبِي - مر عَلَيْهِ، وَقد بقر بَطْنه، وَأخذ كبده، وَقطعت مذاكيره وَجعلت فِي فِيهِ؛ فَرَأى أمرا فظيعا؛ فَقَالَ: لَئِن قدرت عَلَيْهِم لَأُمَثِّلَن بسبعين مِنْهُم، وَرُوِيَ أَن الصَّحَابَة قَالُوا قَرِيبا


الصفحة التالية
Icon