﴿فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون (١٠٢) وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم فِي جَهَنَّم خَالدُونَ (١٠٣) تلفح وُجُوههم النَّار وهم فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤) ألم تكن آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم بهَا تكذبون (١٠٥) ﴾ أنفسهم بِهَلَاك (الْآيَة). وَقَوله: ﴿فِي جَهَنَّم خَالدُونَ﴾ أَي: مقيمون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تلفح وُجُوههم النَّار﴾. اللفح أكبر من النفح، وَمَعْنَاهُ: يُصِيب وُجُوههم حر النَّار، وَقيل: تحرق وُجُوههم النَّار وتنضجها.
وَقَوله: ﴿وهم فِيهَا كَالِحُونَ﴾ الكالح فِي اللُّغَة: هُوَ العابس، وَأما الْمَرْوِيّ فِي التَّفْسِير: هُوَ الَّذِي تقلصت شفتاه، وَظَهَرت أَسْنَانه.
وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: كالرأس النضيج قد بَدَت أَسْنَانه، وتقلصت شفتاه. وَذكر أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه بِرِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: " هُوَ أَن تتقلص شفته الْعليا حَتَّى تبلغ وسط رَأسه وَتَسْتَرْخِي شفته السُّفْلى حَتَّى تضرب سرته ". وَفِي بعض التفاسير: وَتخرج أَسْنَانه عَن شَفَتَيْه [أَرْبَعِينَ] ذِرَاعا.
وَعَن بعض التَّابِعين من الْخَائِفِينَ: أَنه مر على شواء، فَرَأى رُءُوس الْغنم وَقد أبرزت، فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا غشي عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ يذكر هَذِه الْآيَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ألم تكن آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم بهَا تكذبون﴾ أَي: تجحدون وتنكرون.
وَقَوله: ﴿قَالُوا رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا﴾ وقرىء: " شقاوتنا " وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَالْمرَاد مِنْهُ: إِنَّمَا أدخلنا النَّار بِمَا غلب علينا من حكمك وقضائك بشقاوتنا. وَقَوله: