﴿قَالُوا رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ (١٠٦) رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون (١٠٨) إِنَّه كَانَ فريق من عبَادي يَقُولُونَ رَبنَا آمنا فَاغْفِر لنا وارحمنا وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فاتخذتموهم سخريا﴾ ﴿وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ﴾ أَي: عَن الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ﴾ فيتركهم مِقْدَار عمر الدُّنْيَا، وَفِي رِوَايَة: مثلي عمر الدُّنْيَا.
ثمَّ يَقُول: ﴿ [قَالَ] اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون﴾ قَالَ: فَيَنْقَطِع رجاؤهم حِينَئِذٍ، وَلَا يسمع بعد ذَلِك مِنْهُم إِلَّا الزَّفِير والشهيق، وَأما قَوْله: ﴿اخْسَئُوا﴾ أَي: ابعدوا، وَهُوَ مثل قَوْلهم: خسأت الْكَلْب أَي: أبعدته.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه كَانَ فريق من عبَادي يَقُولُونَ رَبنَا آمنا فَاغْفِر لنا وارحمنا وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ﴾. قَالَ أهل التَّفْسِير: هَذَا فِي بِلَال وسلمان وعمار وصهيب والفقراء من أَصْحَاب الرَّسُول.
وَقَوله: ﴿فاتخذتموهم سخريا﴾ وقرىء: " سخريا " فَقَوله: ﴿سخريا﴾ من الِاسْتِهْزَاء، وَقَوله: " سخريا " من التسخير.
وَقَوله: ﴿حَتَّى أنسوكم ذكري﴾ أَي: اشتغلتم بالاستهزاء والسخرية عَلَيْهِم، وتركتم ذكري، وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْكُم أَن تذكروني بدل استهزائكم بهم.
وَقَوله: ﴿وكنتم مِنْهُم تضحكون﴾ وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن الِاسْتِهْزَاء بِالنَّاسِ كَبِيرَة، وَهُوَ مَوْعُود عَلَيْهِ، وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من ضحك ضحكة مج مجة من الْعلم لَا يعود إِلَيْهِ أبدا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنِّي جزيتهم الْيَوْم بِمَا صَبَرُوا أَنهم هم الفائزون﴾ أَي: بصبرهم ﴿أَنهم هم الفائزون﴾ أَي: الناجون.


الصفحة التالية
Icon