﴿وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم (٣٣) وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْكُم آيَات مبينات ومثلا من الَّذين خلوا من قبلكُمْ وموعظة لِلْمُتقين (٣٤) الله نور﴾
وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿إِن أردن تَحَصُّنًا﴾ منصرف إِلَى الْآيَة السَّابِقَة، وَهُوَ قَوْله: ﴿وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ إِن أردن تَحَصُّنًا.
وَقَوله: ﴿لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: لتطلبوا من أَمْوَال الدُّنْيَا، وَفِي بعض الْآثَار: الدُّنْيَا عرض حَاضر، يَأْكُل مِنْهَا الْبر والفاجر، وَالْآخِرَة وعد صَادِق، يحكم فِيهَا ملك قَادر، فكونوا من أَبنَاء الْآخِرَة، وَلَا تَكُونُوا من أَبنَاء الدُّنْيَا ".
وَقَوله: ﴿وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم﴾ أَي: لَهُنَّ، وَهَكَذَا رُوِيَ فِي قِرَاءَة ابْن عَبَّاس: " فَإِن الله من بعد إكراههن لَهُنَّ غَفُور رَحِيم ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْكُم آيَات مبينات﴾ أَي: للْحَلَال وَالْحرَام، وَقَوله: ﴿مبينات﴾ أَي: واضحات لَا لبس فِيهَا.
وَقَوله: ﴿ومثلا من الَّذين خلوا من قبلكُمْ﴾ مَعْنَاهُ: تَشْبِيها لحالكم بحالهم، حَتَّى لَا تَفعلُوا مثل مَا فعلوا، فيصيبكم مثل مَا أَصَابَهُم.
وَقَوله: ﴿وموعظة لِلْمُتقين﴾ أَي: تذكيرا وتخويفا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هادي أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض، (وَعنهُ أَنه قَالَ: ضِيَاء السَّمَوَات وَالْأَرْض) وَعَن قَتَادَة وَغَيره: منور السَّمَوَات وَالْأَرْض. فليقال: نور السَّمَوَات بِالْمَلَائِكَةِ، وَالْأَرْض بالأنبياء. وَيُقَال: نور السَّمَوَات بالنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر، وَنور الأَرْض بالنبات والزهر.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿مثل نوره﴾ قَرَأَ أبي بن كَعْب: " مثل نور الْمُؤمن "، وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: " مثل نوره فِي قلب الْمُؤمن " (وَمن الْمَعْرُوف ﴿مثل نوره﴾ وَفِيه أَقْوَال: