﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال (٣٦) رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة﴾ الله لنوره من يَشَاء) يَعْنِي: يهدي الله للْإيمَان بِمُحَمد من يَشَاء، وَهَذَا كُله معنى مَا رَوَاهُ الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي الْآيَة كَلَام كثير ذكره أَصْحَاب الخواطر لَا يشْتَغل بِهِ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ هما المعروفان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع﴾ مَعْنَاهُ: توقد فِي بيُوت، وَيُقَال: المصابيح فِي بيُوت، والبيوت هَاهُنَا هِيَ الْمَسَاجِد. وَقَوله: ﴿أذن الله أَن ترفع﴾ فِيهِ أَقْوَال: قَالَ مُجَاهِد: تبنى، وَقَالَ الْحسن: تعظم. يَعْنِي: أَنه لَا يذكر فِيهَا الْخَنَا من القَوْل، وَعَن بَعضهم: تطهر.
وَقَوله: ﴿وَيذكر فِيهَا اسْمه﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿يسبح﴾ وقرىء: " يسبح " بِكَسْر الْبَاء، فَقَوله بِكَسْر الْبَاء أَي: يسبح رجال، وَقَوله: " يسبح " على مَال لم يسم فَاعله، وَمعنى يسبح: يُصَلِّي.
وَقَوله: ﴿بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال﴾ أَي: بالبكر والعشايا. قَالَ الشَّاعِر:

(وقفت فِيهَا أصيلا لَا أسائلها أعيت جَوَابا وَمَا بِالربعِ من أحد)
وَإِنَّمَا خص البكرة وَالْعصر؛ لِأَن صَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْعَصْر أول مَا فرض على الْمُسلمين، وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: صَلَاة الضُّحَى فِي الْقُرْآن وَلَا يغوص عَلَيْهَا الأغواص، ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَهُوَ قَوْله: ( ﴿بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال﴾ وَزعم أَن المُرَاد بالتسبيح بِالْغُدُوِّ وَهُوَ صَلَاة الضُّحَى، وَالْمَعْرُوف مَا بَينا، وَهُوَ أَن المُرَاد مِنْهُ صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر).
قَوْله تَعَالَى: ﴿رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله﴾ وَعَن عبيد بن عُمَيْر أَنه


الصفحة التالية
Icon