بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده ليَكُون للْعَالمين نذيرا الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا﴾.
تَفْسِير سُورَة الْفرْقَان
وَهِي مَكِّيَّة، قَالَ الضَّحَّاك: هى مَدَنِيَّة.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده﴾ وَقَرَأَ عبد الله بن الزبير: " على عباده " على الْجمع. قَوْله: ﴿تبَارك﴾ تفَاعل من الْبركَة، وَقيل: تبَارك أَي: جلّ بِمَا لم يزل وَلَا يزَال، وَقَالَ الْحسن: تبَارك صفة من صِفَات الله تَعَالَى؛ لِأَن كل بركَة تجئ مِنْهُ، وَقَالَ غَيره: لِأَنَّهُ يتبرك باسمه، وَأما الْبركَة فهى الْخَيْر وَالزِّيَادَة، وَقيل: فعل كل طَاعَة من الْعباد بركَة، والبروك هُوَ الثُّبُوت، وَيُقَال: فلَان مبارك أَي: ينزل الْخَيْر حَيْثُ ينزل.
وَقَوله: ﴿الذى نزل الْفرْقَان﴾ أَي: الْقُرْآن، وسمى الْقُرْآن فرقانا لمعنيين: احدهما: لِأَنَّهُ يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل، والأخر: أَن فِيهِ بَيَان الْحَلَال وَالْحرَام.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿على عَبده﴾ أَي: مُحَمَّد.
وَقَوله: ﴿ليَكُون للْعَالمين نذيرا﴾ أَي: الْجِنّ والأنس، قَالَ أهل الْعلم: وَلم يبْعَث نَبِي إِلَى جَمِيع الْعَالمين غير نوح وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الذى لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يتَّخذ ولدا﴾ يعْنى: كَمَا قَالَه النَّصَارَى.
وَقَوله: ﴿وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك﴾ أَي: كَمَا قَالَه عَبدة الْأَصْنَام وَغَيرهم.
وَقَوله: ﴿وَخلق كل شَيْء﴾ أَي: مِمَّا يصلح أَن يكون مخلوقا.
قَوْله: (فقدره تَقْديرا) أَي: سواهُ تَسْوِيَة على مايصلح لِلْأَمْرِ الذى أُرِيد لَهُ، وَيُقَال: بَين مقادير الْأَشْيَاء ومنافعها، وَمِقْدَار لبثها وَوقت فنائها.


الصفحة التالية
Icon