سورة طه
* ﴿ طه ﴾
(١٠/١٧٧)
قد تقدَّم الكلامُ في الحروفِ المُقَطَّعةِ أولَ هذا الموضوعِ، و"طه" مِنْ ذاك، هذا هو الصحيح. وقيل: إنَّ معنى "طه" يا رجلُ في لغةِ عَك، وقيل: عُكْل، وقيل: هي لغة يمانية. وحكى الكلبي أنك لو قلتَ في عَكّ: يا رجلُ، لم يُجِبْ حتى تقولَ: طه.
وقال الطبري: "طه في عَكّ بمعنى: يا رجلُ"، وأنشدَ قولَ شاعرهم:
٣٢٦٩ـ دَعَوْتُ بِطهَ في القتالِ فلم يُجِبْ * فَخِفْتُ عليهِ أَنْ يكونَ مُوائِلا
وقول آخر:
٣٢٧٠ـ إنَّ السَّفاهةَ طه في خلائِقِكمْ * لا قَدَّسَ اللهُ أرواحَ المَلاعينِ
قال الزمخشري: "وأثرُ الصَّنْعَةِ ظاهرٌ في البيت المستشهدِ به" فذكره، وقال السدي: "معناه: يا فلانُ". وقال الزمخشري أيضاً: "ولعل عَكَّا تَصَرَّفوا في "يا هذا"، كأنهم في لغتهم قالبون الياءَ طاءً، فقالوا: في يا: طا، واختصروا "هذا" فاقتصورا على "ها". يعني فكانه قيل في الآية الكريمة: يا هذا. وفيه بُعدٌ كبيرٌ.
قال الشيخ: "ثم تَخَرَّص وحَزَرَ على عَك ما لم يَقُلْه نحويٌّ: وهو أنهم يقلبون يا التي للنداء طاءً، ويحذفون اسم الإِشارة ويقتصرون منه على "ها" التي للتنبيه". قلت: وهذا وإن كان قريباً مما قاله عنه إلاَّ أنه أنحى عليه في عبارته بقوله "تَخَرَّص".
وقيل: "طه" أصلُه طَأْها بهمزة "طَأْ" أمراً مِنْ وَطِىء يَطَأُ، و"ها" ضميرُ مفعولٍ يعودُ على الأرض، ثم أبدل الهمزَة لسكونها ألفاً، ولم يَحْذِفْها في الأمرِ نظراً إلى أصلها أي: طَأ الأرضَ بقدمَيْكَ. وقد جاء في التفسير: "أنه قام حتى تَوَرَّمَتْ قدماه".
(١٠/١٧٨)
---


الصفحة التالية
Icon