سورة الزخرف
* ﴿ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: ﴿وَالْكِتَابِ﴾: إنْ جَعَلْتَ "حم" قَسَماً كانت الواوُ عاطفةً وإنْ لم، كانت الواو للقسم، وقد تقدَّم تحريرُ هذا.* ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ﴾: جوابُ القَسَم، وهذا عندهم من البلاغةِ: وهو كونُ القَسَمِ والمُقْسَمِ عليه مِنْ وادٍ واحد. كقول أبي تمام:
٣٩٨٠- وثناياك إنها إغريضُ *.......................
(١٣/١٣)
إنْ أُرِيد بالكتابِ القرآنُ، وإنْ أُريد به جنسُ الكتبِ المنزَّلةِ غيرِ القرآنِ لم يكنْ مِنْ ذلك. والضميرُ في "جَعَلْناه" على الأولِ يعودُ على الكتاب. وعلى الثاني للقرآنِ، وإنْ لم يُصَرَّحْ بذِكْرِه. والجَعْلُ هنا تصييرٌ. ولا يُلْتَفَتُ لخطأ الزمخشريِّ في تجويزه أَنْ يكونَ بمعنى: خَلَقْناه.
* ﴿ وَإِنَّهُ فِيا أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾
قوله: ﴿فِيا أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا﴾: يتعلَّقان بما بعدهما. ولا تَمْنَعُ اللامُ من ذلك. ويجوز أَنْ يكونا حالَيْنِ ممَّا بعدهما لأنَّهما كانا وصفَيْن له في الأصل فيتعلَّقان بمحذوفٍ. ويجوزُ أَنْ [يكون] "لدينا" متعلِّقاً بما تعلَّق به الجارُّ قبله إذا جَعَلْناه حالاً مِنْ "لَعَلِيٌّ"، وأَنْ يكونَ حالاً من الضميرِ المستترِ فيه، وكذا يجوزُ في الجارِّ أَنْ يتعلَّقَ بما تَعَلَّق/ به الظرفُ، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ ضميرِه عند مَنْ يُجَوِّزُ تقديمَها على العاملِ المعنويِّ. ويجوزُ أَنْ يكونَ الظرفُ بدلاً من الجارِّ قبلَه، وأَنْ يكونا حالَيْنِ من "الكتاب" أو من "أُمِّ"، ذَكَرَ هذه الأوجهَ الثلاثةَ أبو البقاء. وقال: "ولا يجوزُ أَنْ يكونَ واحدٌ من الظرفين خبراً؛ لأنَّ الخبرَ لَزِمَ أَنْ يكونَ "عَليٌّ" من أجلِ اللامِ". قلت: وهذا يَمْنَعُ أَنْ تقولَ: إن زيداً كاتبٌ لَشاعرٌ؛ لأنه مَنَع أَنْ يكونَ غيرُ المقترنِ بها خبراً.
* ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾
قوله: ﴿صَفْحاً﴾: فيه خمسةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّه مصدرٌ في معنى يَضْرِب؛ لأنه يُقال: ضَرَبَ عن كذا وأَضْرَبَ عنه، بمعنى أعرض عنه، وصَرَف وجهَه عنه. قال:
٣٩٨١- اضْرِبَ عنكَ الهمومَ طارِقَها * ضَرْبَك بالسيفِ قَوْنَسَ الفرسِ
(١٣/١٤)
---