سورة ق
* ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾
(١٣/١٥٦)
قوله: ﴿ وَالْقُرْآنِ﴾: قَسَمٌ. وفي جوابِه أوجهٌ، أحدُها: أنَّه قولُه: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ﴾. الثاني: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ﴾ الثالث: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾. الرابع: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى﴾. الخامس ﴿بَلْ عَجِبُوااْ﴾ وهو قولٌ كوفيٌّ. قالوا: لأنَّه بمعنى "قد عَجِبوا" السادس: أنَّه محذوفٌ، فقدَّره الزجَّاج والأخفشُ والمبردُ "لَتُبْعَثُنَّ". وفَتَحَها عيسى، وكَسَرها الحسنُ وابن أبي إسحاق، وضمَّها هارون وابنُ السَّمَيْفَع. وقد مَضَى توجيهُ ذلك كلِّه. وهو أنَّ الفتحَ يحتمل البناءَ على الفتح للتخفيفِ، أو يكونُ منوصباً بفعلٍ مقدرٍ، ومُنِع الصرفَ، أو مجرورٌ بحرفِ قسم مقدرٌ، وإنما مُنعَ الصرفَ أيضاً. والضمُّ على أنه مبتدأٌ أو بخرٌ، ومُنع الصرف أيضاً.
* ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾
قوله: ﴿أَإِذَا مِتْنَا﴾: قرأ العامَّةُ بالاستفهام، وابنُ عامر في روايةٍ، وأبو جعفر والأعمش والأعرج بهمزةٍ واحدةٍ، فتحتملُ الاستفهامَ كالجمهورِ، وإنما حَذَفَ الأداةَ للدلالةِ، وتحتملُ الإِخبارَ بذلك. والناصبُ للظرفِ في قراءةِ الجمهورِ مقدرٌ أي: أنُبْعَثُ أو أَنَرْجِعُ إذا مِتْنا. وجوابُ "إذا" على قراءةِ الخبرِ محذوفٌ أي: رَجَعْنا. وقيل: قولُه: "ذلك رَجْعٌ" على حذفِ الفاءِ، وهذا رأيُ بعضِهم. والجمهور لا يُجَوِّزُ ذلك إلاَّ في شعرٍ. وقال الزمخشريُّ: "ويجوزُ أَنْ يكونَ الرَّجْعُ بمعنى المَرْجوع هو الجوابَ، ويكونَ مِنْ كلامِ اللَّهِ تعالى، استبعاداً لإِنكارهم ما أُنْذِروا به من البَعْثِ. والوقفُ على ما قبلَه على هذا التفسيرِ حسنٌ". فإنْ قلت: فما ناصبُ الظرفِ إذا كان الرَّجْعُ بمعنى المَرْجوع؟ قلت: ما دَلَّ عليه المنذِرُ من المنذَرِ به وهو البعثُ" وأَنْحَى عليه الشيخُ في فهمِه هذا الفهمَ.
(١٣/١٥٧)
---