سورة المرسلات
* ﴿ وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً ﴾
قوله: ﴿عُرْفاً﴾: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ مِنْ أجلِه، أي: لأجلِ العُرْفِ وهو ضِدُّ النُّكْرِ. والمرادُ بالمُرْسَلاتِ: إمَّا الملائكةُ، وإمَّا الأنبياءُ، وإمَّا الرِّياحُ أي: والملائكةُ المُرْسَلاتُ، أو والأنبياء المُرْسَلات، أو والرياحُ المُرْسلات. والعُرْفُ: المعروفُ والإِحسانُ. قال الشاعر:
٤٤٥٤ - مَنْ يَفْعَلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ *لا يَذْهَبُ العُرْفُ بينَ اللَّهِ والناسِ
(١٤/٢٢٧)
وقد يُقال: كيف جَمَعَ صفةَ المذكرِ العاقلِ بالألفِ والتاءِ، وحقُّه أَنْ يُجْمَعَ بالواوِ والنونِ؟ تقول: الأنبياءُ المُرْسَلونَ، ولا تقولُ: المُرْسَلات. والجوابُ: أنَّ المُرْسَلات جَمْعُ مُرْسَلة، ومُرْسَلة صفةٌ لجماعةٍ من الأنبياء، فالمُرْسَلات جمعُ "مُرْسَلة" الواقعةِ صفةً لجماعة، لا جمعُ "مُرْسَل" المفردِ. الثاني: أَنْ ينتصِبَ على الحالِ بمعنى: متتابعة، مِنْ قولِهم: جاؤوا كعُرْفِ الفَرَس، وهم على فلانٍ كعُرْف الضَّبُع، إذا تألَّبوا عليه. الثالث: أَنْ ينتصِبَ على إسقاطِ الخافضِ أي: المُرْسَلاتِ بالعُرْفِ.
وفيه ضَعْفٌ، وقد تقدَّمَ الكلامُ على العُرْف في الأعراف. والعامَّةُ على تسكينِ رائِه، وعيسى بضمِّها، وهو على تثقيلِ المخففِ نحو: "بَكُر" في بَكْر. ويُحتمل أَنْ يكونَ هو الأصلَ، والمشهورةٌ مخففةٌ منه، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونا وزنَيْنِ مستقلَّيْن.
* ﴿ فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً ﴾
قوله: ﴿عَصْفاً﴾: مصدرٌ مؤكِّدٌ لاسمِ الفاعلِ، والمرادُ بالعاصفات: الرياحُ أو الملائكةُ، شُبِّهَتْ بسُرْعة جَرْيِها في أمرِ الله تعالى بالرياحِ، وكذلك "نَشْراً" و "فَرْقاً" انتصبا على المصدرِ أيضاً.
* ﴿ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً ﴾
قوله: ﴿ذِكْراً﴾: مفعولٌ به، ناصبُه "المُلْقِيات". وقرأ العامَّةُ "فالمُلْقِياتِ" بسكون اللامِ وتخفيفِ القافِ اسمَ فاعلٍ، وابن عباس بفتحِ اللامِ وتشديدِ القافِ، من التَّلْقِية، وهي إيصالُ الكلامِ إلى المخاطبِ. ورَوَى عنه المهدويُّ أيضاً فتحَ القافِ اسمَ مفعولٍ أي: مُلْقَيَةٌ مِنْ قِبَل اللَّهِ تعالى.
* ﴿ عُذْراً أَوْ نُذْراً ﴾
(١٤/٢٢٨)
---


الصفحة التالية
Icon