سورة الطارق
* ﴿ وَالسَّمَآءِ وَالطَّارِقِ ﴾
قوله: ﴿وَالطَّارِقِ﴾: الطارقُ في الأصل اسمُ فاعل مِنْ طَرَقَ يَطْرُقُ طُروقاً، أي: جاء ليلاً قال:
٤٥٣٩ - فمِثْلَكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعاً * فألهَيْتُها عن ذي تمائمَ مُحْوِلِ
وأصلُه من الضَّرْبِ. والطارقُ بالحصى الضارِبُ به. قال:
٤٥٤٠ - لعَمْرُكَ ما تَدْري الضواربُ بالحصى * ولا زاجراتُ الطيرِ ما اللَّهُ صانعُ
ثم اتُّسع فقيل لكلٍ جاء ليلاً: طارِقٌ.
* ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾
(١٤/٣١٠)
---
قوله: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا﴾: قد تقدَّم في سورةِ هود التخفيفُ والتشديدُ في "لَمَّاً". فمَنْ خَفَّفها هنا كانت "إنْ" هنا مخففةً من الثقيلة، و "كلُّ" مبتدأٌ، واللامُ فارقةٌ، و "عليها" خبرٌ مقدَّمٌ و "حافظٌ" مبتدٌ مؤخرٌ، والجملةُ خبرُ "كل" و "ما" مزيدةٌ بعد اللام الفارقةِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ "عليها" هو الخبرَ وحدَه، و "حافِظٌ" فاعلٌ به، وهو أحسنُ. ويجوزُ أَنْ يكونَ "كلُّ" متبدأً، و "حافظٌ" خبرَه، و "عليها" متعلقٌ به و "ما" مزيدة أيضاً، هذا كلُّ تفريعٌ على قولِ البصريِين. وقال الكوفيون: "إنْ هنا نافيةٌ، واللامُ بمعنى "إلاَّ" إيجاباً بعد النفي، و "ما" مزيدةٌ. وتقدَّم الكلامُ في هذا مُسْتوفى.
وأمَّا قراءةُ التشديدِ فإنْ نافيةٌ، و "لَمَّا" بمعنى "إلاَّ"، وتقدَّمَتْ شواهدُ ذلك مستوفاةً في هود. وحكى هارونُ أنه قُرِىءَ هنا "إنَّ" بالتشديدِ، "كلَّ" بالنصب على أنَّه اسمُها، واللامُ هي الداخلةُ في الخبرِ، و "ما" مزيدةٌ و "حافظٌ" خبرُها، وعلى كلِّ تقديرِ فإنْ وما في حَيِّزِها جوابُ القسم سواءً جَعَلها مخففةً أو نافيةً. وقيل: الجواب ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ﴾، وما بينهما اعتراضٌ. وفيه بُعْدٌ.
* ﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾
قوله: ﴿دَافِقٍ﴾: قيل: فاعِل بمعنى مَفْعول كعكسِه في قولهم: "سيلٌ مُفْعَم"، وقولِه تعالى: ﴿حِجَاباً مَّسْتُوراً﴾ على وجهٍ. وقيل: دافق على النسبِ، أي: ذي دَفْقٍ أو انْدِفاق. وقال ابن عطية: "يَصِحُّ أَنْ يَكونَ الماءُ دافقاً؛ لأنَّ بعضَه يَدْفُقُ بعضاً، أي: يدفعه فمنه دافِق، ومنه مَدْفوق" انتهى. والدَّفْقُ: الصَّبُّ / ففِعْلُه متعدٍّ. وقرأ زيدُ ابنُ علي "مَدْفُوقٍ" وكأنه فَسَّر المعنى.
* ﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ ﴾
(١٤/٣١١)
---


الصفحة التالية
Icon