سورة القدر
* ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
(١٤/٣٧٥)
---
قوله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾: أي: القرآن، أُضْمِرَ للِعْلمِ به. و"في ليلةِ القَدْر" يجوزُ أَنْ يكونَ ظرفاً للإنزالِ. وفي التفسير: أنه أَنْزَلَه إلى السماء الدنيا في هذه الليلة. ثم نَزَلَ مُنَجَّماً إلى الأرض في عشرينَ سنة. وقيل: المعنى: أَنْزَلَ في شأنها وفَضْلِها. فليسَتْ ظرفاً، وإنما هو كقولِ عُمَرَ: "خَشِيْتُ أَنْ يَنْزِلَ فيَّ قرأنٌ" وقولِ عائشة: "لأَنا أَحْقُر في نفسي أَنْ يَنْزِل فيَّ قرآنٌ" وسُمِّيَتْ ليلةً القَدْرِ: إمَّا لتقديرِ الأمور فيها، وإمَّا لضِيقِها بالملائكةِ.
* ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾
قوله: ﴿وَالرُّوحُ فِيهَا﴾: يجوزُ أَنْ يرتفعَ "الرُّوحُ" بالابتداءِ، والجارُّ بعدَه الخبرُ، وأن يرتفعَ بالفاعليةِ عطفاً على الملائكة، و"فيها" متعلِّقٌ بـ "تَنَزَّلُ"
قوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِم﴾: يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بـ "تَنَزَلُ" وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من المرفوع بـ"تَنَزَّلُ" أي ملتبسا بإذن ربِّهم.
قوله: ﴿مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ يجوزُ في "مِنْ" وجهان، أحدهما: أنها بمعنى اللام. ويتعلَّقُ بـ "تَنَزَّلُ"، أي: تَنَزَّلُ مِنْ أجل كلِّ أمرٍ قُضي إلى العامِ القابل: والثاني: أنَّها بمعنى الباء، أي: تنزَّلُ بكلِّ أمرٍ، فهي للتعدية، قاله أبو حاتم. وقرأ العامَّةُ "أَمْرٍ" واحدُ الأمور. وابن عباس وعكرمة والكلبي "امْرِئٍ" مُذ‍كَّرُ امرأة، أي: مِنْ أجل كلِّ إنسانِ. وقيل: مِنْ أجل كلِّ مَلَكٍ، وهو بعيدٌ. وقيل: "مِنْ كلِّ أَمْر" ليس متعلقاً بـ "تَنَزَّلُ" إنما هو متعلِّقٌ بما بعده، أي: هي سلامٌ مِنْ كلِّ أمرٍ مَخُوفٍ، وهذا لا يتمُّ على ظاهرِه لأنَّ "سَلامٌ" مصدرٌ لا يتقدَّم عليه معمولُه، وإنما المرادُ أنَّه متعلِّقٌ بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه هذا المصدرُ.
* ﴿ سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾
(١٤/٣٧٦)
---


الصفحة التالية
Icon