الابتداء :
الحديث عن الابتداء يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالوقف.
وإذا قال القراء لا يجوز الوقف على كذا فمعنى هذا أنه لا يجوز الابتداء بما بعده. وإذا قيل يجوز الابتداء بكذا فمعنى هذا أنه يجوز الابتداء بما بعده.
ويتميز الابتداء بأنه لا يكون إلا إختياريًّا، فلا توجد ضرورة تدعو إليه، ومن هنا لا يكون الابتداء إلا بما هو مستقل بمعناه، موف بالمقصود، وله أقسام أربعة كالوقف، فمنه التام، والكافي، والحسن، ومنه القبيح أيضًا. وتتفاوت فيه درجات التمام والكفاية والحسن والقبح.
فالوقف على :﴿خَتَمَ الله﴾ قبيح، والابتداء بلفظ الجلالة أشد من ذلك لفساد المعنى حينذاك والابتداء بختم "كاف".
والوقف على "عزير بن"، "والمسيح بن" قبيح، والابتداء "بابن" أقبح والابتداء "بعزير" وبلفظ المسيح أقبح منهما.
والوقف على قوله تعالى :﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ ضرورة، والابتداء بما بعده قبيح.
وقد يكون الوقف حسنًا، والابتداء بالكلمة التي وقفت عليها قبيحًا.
نحو :﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ والوقف هنا حسن لتمام الكلام والابتداء "إياكم" قبيح لفساد المعنى إذ يصير تحذيرًا من الإيمان بالله تعالى.
وقد يكون الوقف قبيحًا والابتداء به جيدًا نحو :﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا﴾ فالوقف على "هذا" قبيح؛ لأن فيه فصلًا بين المبتدأ وخبره؛ ولأنه يوهم الإشارة إلى مرقدنا، وليس الأمر كذلك. والابتداء بهذا جيد لاستقامة المعنى معه.
١٧٤ | ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon