الرسم العثماني ومواقف المشككين :
تشكك المستشرقون في القراءات، وصحة نسبتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وألقوا بسحائب شكوكهم حول قضية رسم المصحف، وهذا التشكك قد يكون ناشئًا عن غياب التصور الصحيح للقراءات، ومنهج تناقلها، وأن رواياتها تواترت قبل كتابة المصحف الإمام إذا فرضنا حسن الظن فيهم، وقد يكون أمرًا متعمدًا، وتعمد التضليل وارد في كتابات المستشرقين.
ولنناقش القضية على ضوء ما قالوه.
قال جولد تسيهر :"فلا يوجد كتاب تشريع اعترفت به طائفة دينية اعترافًا عَقَدِيًّا على أنه نص منزل، موحًى به، يقدم نصه في أقدم عصور تداوله مثل هذه الصورة من الاضطراب، وعدم الثبات كما نجد في نص القرآن"١.
وبعد هذا يأتي ويعلل قضية الاضطراب التي رآها فيقول :"والقسم الأكبر من هذه القراءات يرجع السبب في ظهوره إلى خاصية الخط العربي فإن من خصائصه أن الرسم الواحد للكلمة الواحدة قد يقرأ بأشكال مختلفة، تبعًا للنقط فوق الحروف أو تحتها، كما أن عدم وجود الحركات النحوية، وفقدان الشكل في الخط العربي يمكن أن يجعل للكلمة حالات مختلفة من ناحية موقعها من الإعراب، فهذه التكميلات للرسم الكتابي، ثم هذه الاختلافات في الحركات والشكل كل ذلك كان السبب الأول لظهور حركة القراءات فيما أهمل نقطه أو شكله من القرآن"٢.
________
١ مذاهب التفسير الإسلامي لجولد تسيهر- ترجمة عبد الحليم البخاري ص٤ ج١ دار الكتب الحديثة.
٢ المرجع السابق.
٢٦١ | ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon