﴿كُنَّا من قبله مُسلمين (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ويدرءون بِالْحَسَنَة السَّيئَة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ (٥٤) وَإِذا سمعُوا اللَّغْو أَعرضُوا عَنهُ وَقَالُوا لنا أَعمالنَا﴾ كُنَّا من قبله مُسلمين) أَي: مُوَحِّدين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ يَعْنِي: أجر الْإِيمَان بِالْكتاب الأول، وَأجر الْإِيمَان بِالْكتاب الثَّانِي.
وَقد ثَبت بِرِوَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: ((ثَلَاثَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ: رجل آمن بِالْكتاب الأول، وَالثَّانِي عبد أدّى حق الله وَحقّ موَالِيه، وَرجل لَهُ جَارِيَة فأدبها وَأحسن تأديبها، ، وَعلمهَا وَأحسن تعليمها، ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا ".
وَفِي التَّفْسِير: أَن أهل الْكتاب الَّذين آمنُوا فاخروا أَصْحَاب النَّبِي بِهَذِهِ الْآيَة، وَقَالُوا: إِن الله تَعَالَى يُؤْتِي أجرنا مرَّتَيْنِ، ويؤتيكم الْأجر مرّة، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته﴾ الْآيَة.
وَقَوله: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ أَي: صَبَرُوا على الْحق، وَلم يزيغوا عَنهُ، وَقَوله: ﴿ويدرءون بِالْحَسَنَة السَّيئَة﴾ أَي: بقول لَا إِلَه إِلَّا الله الشّرك، وَيُقَال: بِالْمَعْرُوفِ الْمُنكر، وبالخير الشَّرّ، وَيُقَال: وبالحلم جهل الْجَاهِل.
وَقَوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ أَي: يُنْفقُونَ فِي طَاعَة الله.
وَرُوِيَ أَن الْقَوْم الَّذين آمنُوا من الْحَبَشَة لما قدمُوا الْمَدِينَة، وَجَاهدُوا، واستئذنوا من النَّبِي أَن يرجِعوا إِلَى الْحَبَشَة، ويحملوا أَمْوَالهم، فَأذن لَهُم، فَذَهَبُوا وحملوا الْأَمْوَال، وأنفقوا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَإِذا سمعُوا اللَّغْو أَعرضُوا عَنهُ﴾ أَي: الْكَلَام الْبَاطِل، وَقيل: إِن