﴿فَلهُ خير مِنْهَا وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى الَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ (٨٤) إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد قل رَبِّي أعلم من جَاءَ بِالْهدى وَمن﴾ الأَرْض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
﴿وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى الَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات﴾ أَي: الْمعاصِي ﴿إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ وَعَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر أَنه قَالَ: مَا أحسن الْحَسَنَات عقيب السَّيِّئَات، وَمَا أقبح السَّيِّئَات عقيب الْحَسَنَات، وَأحسن الْحَسَنَات الْحَسَنَات عقيب الْحَسَنَات، وأقبح السَّيِّئَات السَّيِّئَات عقيب السَّيِّئَات).
وَمن الْمَعْرُوف عَن النَّبِي أَنه أوصى معَاذًا - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: " اتَّقِ الله حَيْثُمَا كنت، وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها، وخالق النَّاس بِخلق حسن ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن﴾ وَيُقَال: فرض عَلَيْك أَي: أوجب عَلَيْك الْعَمَل بِهِ.
وَقَوله: ﴿لرادك إِلَى معاد﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن المُرَاد مِنْهُ: إِلَى مَكَّة، وَقَالُوا: هَذِه الْآيَة نزلت على رَسُول الله وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ، والجحفة منزل من الْمنَازل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة.
فالآية لَيست بمكية وَلَا مَدَنِيَّة، وَفِي بعض التفاسير: " أَن النَّبِي لما هَاجر من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة سَار فِي غير الطَّرِيق خوفًا من الطّلب، ثمَّ إِنَّه لما أَمن عَاد إِلَى الطَّرِيق، فوصل إِلَى الْجحْفَة، وَرَأى الطَّرِيق الشَّارِع إِلَى مَكَّة فاشتاق إِلَيْهَا، فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن رَبك يَقُول: وتشتاق إِلَى مَكَّة وتحن إِلَيْهَا؟ فال: نعم، إِنَّهَا أرضي ومولدي، فَقَالَ: إِن رَبك يَقُول: ﴿إِن الَّذِي فرض عَلَيْكُم الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد﴾ يَعْنِي: رادك إِلَى مَكَّة ظَاهرا على أَهلهَا ".


الصفحة التالية
Icon