بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿الم (١) تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم (٢) هدى وَرَحْمَة للمحسنين (٣) الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم بِالآخِرَة هم يوقنون (٤) أُولَئِكَ على هذى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون (٥) وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن﴾
تَفْسِير سُورَة لُقْمَان
كلهَا مَكِّيَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات نبينها إِذا وصلنا إِلَيْهَا، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الم تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم﴾ أَي: الْمُحكم بالحلال وَالْحرَام وَذكر الْأَحْكَام، وَيُقَال: بالوعد والوعيد، وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب. وَقَالَ بَعضهم: الْحَكِيم الَّذِي يبين الْحِكْمَة، كالحكيم الَّذين ينْطق بالحكمة.
وَقَوله: ﴿هدى وَرَحْمَة﴾ الْأَكْثَرُونَ قرءوا بِالنّصب، قَالَ الزّجاج: هُوَ نصب على الْحَال. وقرا حَمْزَة: " هدى وَرَحْمَة " أَي: هُوَ هدى وَرَحْمَة، وَمَعْنَاهُ: بَيَان من الضَّلَالَة، وَرَحْمَة من الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿للمحسنين﴾ أَي: للْمُسلمين، وَالْمُسلم محسن إِلَى نَفسه، وَقد صَحَّ الْخَبَر أَن النَّبِي سُئِلَ عَن الْإِحْسَان فَقَالَ: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك ". وَيُقَال: المحسن هُوَ الَّذِي يحب للنَّاس مَا يحب لنَفسِهِ.
وَقَوله: ﴿الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم بِالآخِرَة هم يوقنون﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ على هدى من رَبهم﴾ وَقَوله: ﴿وَأُولَئِكَ هم المفلحون﴾ أَي: السُّعَدَاء، وَيُقَال: الناجون، وَقيل: هم الَّذين أدركوا مَا أملوا، ونجوا مِمَّا عَنهُ هربوا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث﴾ ذكر الْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل أَن الْآيَة


الصفحة التالية
Icon