﴿ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما (٥٩) لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم ثمَّ لَا يجاورونك فِيهَا إِلَّا﴾ هُوَ الرِّدَاء، وَهُوَ الملاءة الَّتِي تشْتَمل بهَا الْمَرْأَة فَوق الدرْع والخمار.
قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي: تتغطى الْمَرْأَة بجلبابها فتستر رَأسهَا ووجهها وَجَمِيع بدنهَا إِلَّا إِحْدَى عينيها.
وروى أَن الله تَعَالَى لما أنزل هَذِه الْآيَة اتخذ نسَاء الْأَنْصَار أكيسة سَوْدَاء واشتملن بهَا فخرجن كَأَن رءوسهن الْغرْبَان.
وَقَوله: ﴿ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين﴾ أَي: يعرفن أَنَّهُنَّ حرائر ﴿فَلَا يؤذين﴾ أَي: لَا يتَعَرَّض لَهُنَّ.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾ قد بَينا من قبل.
وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِذا رأى أمة قد تقنعت وتجلببت علاها بِالدرةِ، وَيَقُول: أتتشبهين بالحرائر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ أَي: شَهْوَة الزِّنَا.
وَقَوله: ﴿والمرجفون فِي الْمَدِينَة﴾ قد كَانَ قوم من الْمُنَافِقين يكثرون الأراجيف، وَكَانَ إِذا خرجت سَرِيَّة أَو غَازِيَة، قَالُوا: قد هزموا وَقتلُوا، ويوقعون بَين الْمُسلمين أَمْثَال هَذِه الْأَشْيَاء؛ لتضعف قُلُوبهم ويحزنوا.
وَقَوله: ﴿لنغرينك بهم﴾ أَي: نسلطنك عَلَيْهِم، ونحملنك على قَتلهمْ.
وَفِي بعض التفاسير: أَن قوما منن الْمُنَافِقين هموا بِإِظْهَار الْكفْر، فَأمر الله تَعَالَى رَسُوله أَن يقتلهُمْ إِذا أظهرُوا.
وَقَالَ السّديّ: من تتبع امْرَأَة فِي طَرِيق وكابرها قتل مُحصنا كَانَ أَو غير مُحصن لهَذِهِ الْآيَة.


الصفحة التالية
Icon