﴿فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا وهم فِي الغرفات آمنون (٣٧) وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب محضرون (٣٨) قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء﴾
وَقَوله: ﴿فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف﴾ أَي: التَّضْعِيف، وَيُقَال: جَزَاء المضاعفة. والمضاعفة هُوَ أَنه يَجْزِي بِالْوَاحِدِ عشرا إِلَى سَبْعمِائة.
وَقَوله: ﴿وهم فِي الغرفات آمنون﴾ أَي: (فِي) غرفات الْجنَّة آمنون من الْعَذَاب، وَقيل: من الْمَوْت، وَقيل: من الأحزان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين﴾ قد بَينا معنى قَوْله: ﴿معاجزين﴾ و ﴿معجزين﴾.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب محضرون﴾ أَي: مدخلون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَهُ﴾ فَإِن قيل: هَذَا تكْرَار لِلْآيَةِ الأولى فَلَا يكون فِيهِ فَائِدَة؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن فِيهِ فَائِدَة، وَهُوَ أَن الْآيَة الأولى فِيمَن لَا يعلم؛ لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ﴾ وَالْآيَة الثَّانِيَة فِيمَن يعلم حِكْمَة الله تَعَالَى (فِي) الْبسط وَالتَّقْدِير.
وَقَوله: ﴿وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه﴾ أَي: يُعْطي خَلفه. وَاخْتلف القَوْل فِي مَوضِع إِعْطَاء الْخلف فالأكثرون أَن (ذَلِك) فِي الْآخِرَة أَو الدُّنْيَا.
روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مَا من صباح إِلَّا وينادي ملكان، يَقُول أَحدهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقا خلفا، وَيَقُول الآخر: اللَّهُمَّ أعْط ممسكا تلفا ".
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: هُوَ فِي الدُّنْيَا خَاصَّة، وَلَو لم يكن يخلف فِي الدُّنْيَا لبقي العَبْد بِلَا رزق. وَالْقَوْل الأول أحسن.