واشفع تشفع وهذا كله في الصحيحين وغيرهما
وأما من قيل له تقدم ولم يعرف أنه غفر له ما تأخر فيخاف أن يكون ذهابه إلى الشفاعة قبل أن يؤذن له في الشفاعة ذنبا فتأخر لكمال خوفه من الله تعالى ويقول أنا قد أذنبت وما غفر لي فأخاف أن اذنب ذنبا آخر فإن النبي ﷺ قال
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
ومن معاني ذلك أنه لا يؤتى من وجه واحد مرتين فإذا ذاق ما في الذنب من الألم وزال عنه خاف أن يذنب ذنبا آخر فيحصل له ذلك الألم وهذا كمن مرض من أكلة ثم عوفي فإذا دعي إلى كل شيء خاف أن يكون مثل ذلك الأول لم يأكله يقول قد أصابني بتلك الأكلة ما أصابني فأخاف أن تكون هذه مثل تلك ولبسط هذه الأمور موضع آخر فصل
قال تعالى ﴿ وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ﴾ فإن قوله ﴿ بديع السماوات والأرض ﴾ أي مبدعهما كما ذكر مثل ذلك في البقرة وليس المراد أنهما بديعة سماواته وأرضه كما تحتمله العربية لولا السياق لأن المقصود نفي ما زعموه من خرق البنين والبنات له ومن كونه اتخذ ولدا
وهذا ينتفي بضده كونه أبدع السموات ثم قال ﴿ أنى يكون له ولد ﴾ وذكر ثلاثة أدلة على نفي ذلك
أحدها كونه ليس له صاحبة فهذا نفي الولادة المعهودة وقوله ﴿ وخلق كل شيء ﴾ نفي للولادة العقلية وهي التولد لأن خلق كل شيء ينافي تولدها عنه وقوله

__________


الصفحة التالية
Icon