( ﴿١٥٠) أَلا أَنهم من إفكهم ليقولون (١٥١) ولد الله وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لكم كَيفَ تحكمون (١٥٤) أَفلا تذكرُونَ (١٥٥) أم لكم سُلْطَان مُبين (١٥٦) فَأتوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنْتُم صَادِقين (١٥٧) وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا﴾ ﴿ألربك الْبَنَات وَلَهُم البنون﴾ مَعْنَاهُ: جعلُوا لِرَبِّك الْبَنَات، ولأنفسهم الْبَنِينَ، أَي: اخْتَارُوا كَذَلِك.
وَقَوله: ﴿أم خلقنَا الْمَلَائِكَة إِنَاثًا﴾ مَعْنَاهُ: أخلقنا الْمَلَائِكَة إِنَاثًا ﴿وهم شاهدون﴾ خلقنَا إِنَاثًا، وَقد كَانُوا يَزْعمُونَ أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله. قَالَ أهل التَّفْسِير: وَلم يكن يزْعم هَذَا جَمِيع قُرَيْش، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا بعض قُرَيْش، وَقوم من بني كنَانَة، وهم بَنو مُدْلِج.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا إِنَّهُم من إفكهم﴾ أَي: من كذبهمْ، وَقَوله: ﴿ليقولون ولد الله وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾ وَهُوَ على مَا قَالَ الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ﴾ مَعْنَاهُ: أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ، وَهُوَ اسْتِفْهَام بِمَعْنى الزّجر والتوبيخ، وَقُرِئَ: " إصطفى " بِكَسْر الْألف (على) الْخَبَر، وَمَعْنَاهُ: إصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ فِي زعمكم وقولكم.
وَقَوله: ﴿مَا لكم كَيفَ تحكمون﴾ أَي: كَيفَ تَقولُونَ أَن الله تَعَالَى اخْتَار الْبَنَات على الْبَنِينَ، وَأَنْتُم لَا تختارون إِلَّا الْبَنِينَ.
وَقَوله: ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ أَي: أَفلا تتعظون،
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم لكم سُلْطَان مُبين﴾ أَي: حجَّة بَيِّنَة،
وَقَوله: ﴿فَأتوا بِكِتَابِكُمْ﴾ أَي: بِكِتَاب من عنْدكُمْ يدل على مَا قلتموه ﴿إِن كُنْتُم صَادِقين﴾.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا﴾ الْجنَّة: هَا هُنَا هم الْمَلَائِكَة فِي قَول أَكثر الْمُفَسّرين، وَعَن بَعضهم: أَنهم الْجِنّ، وَقد كَانَ زعم بعض قُرَيْش أَن الْمَلَائِكَة بَنَات الله على مَا ذكرنَا؛ فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق لَهُم: فَمن أمهاتهم؟ فَقَالُوا: سروات الْجِنّ؛ فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا﴾.


الصفحة التالية
Icon