﴿وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون (١٥٨) سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ (١٥٩) إِلَّا عباد الله المخلصين (١٦٠) فَإِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين (١٦٢) إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم (١٦٣) وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم (١٦٤) وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون (١٦٥) وَإِنَّا لنَحْنُ﴾
وَقَوله: ﴿وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون﴾ أَي: محضرون الْحساب، وَقيل: محضرون الْعَذَاب،
قَوْله تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ﴾ نزه نَفسه عَمَّا وصفوه بِهِ من هَذَا القَوْل الشنيع.
وَقَوله: ﴿إِلَّا عباد الله المخلصين﴾ قد ذكرنَا من قبل، فَإِن قيل: أَي: اتِّصَال
لقَوْله: ﴿إِلَّا عباد الله المخلصين﴾ بقوله: ﴿سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ﴾ وَكَيف يَصح الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْبَاب، وَكلمَة إِلَّا للاستثناء؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن فِي الْآيَة تَقْدِيمًا وتأخيرا، فَكَأَن الله تَعَالَى قَالَ: وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون الْعَذَاب إِلَّا عباد الله المخلصين فَإِنَّهُم لَا يحْضرُون، ثمَّ قَالَ سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ؛ فَهَذَا هُوَ التَّقْدِير فِي الْآيَة.
قَوْله: ﴿فَإِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ﴾ أَي: من الْأَصْنَام،
وَقَوله: ﴿مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين﴾ أَي: مَا أَنْتُم على الله بمضلين إِلَّا من أضلّهُ الله، قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا يضلون إِلَّا من كتب الله لَهُ الضلال، وروى هَذَا القَوْل عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالضَّحَّاك وَغَيرهم.
قَالَ الشَّاعِر:
(فَرد بنعمته كَيده... عَلَيْهِ وَكَانَ لنا فاتنا)
أَي: مضلا.
وَقَالَ بَعضهم: لَا يضلون إِلَّا من كتب الله أَنه يدْخل الْجَحِيم، وَقيل: إِلَّا من أشقاه الله؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم﴾ هَذَا خبر عَن الْمَلَائِكَة، وَمَعْنَاهُ: وَمَا منا


الصفحة التالية
Icon