﴿فتول عَنْهُم حَتَّى حِين (١٧٤) وأبصرهم فَسَوف يبصرون (١٧٥) أفبعذابنا يستعجلون (١٧٦) فَإِذا نزل بِسَاحَتِهِمْ فسَاء صباح الْمُنْذرين (١٧٧) وتول عَنْهُم حَتَّى حِين (١٧٨) ﴾ قوم، وَفِي وَقت دون وَقت؛ لِأَن الْمُسلمين قد يغلبُونَ وينصر عَلَيْهِم غَيرهم، وَقيل: الْعَاقِبَة تكون لَهُم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فتول عَنْهُم حَتَّى حِين﴾ أَي: أعرض عَنْهُم حَتَّى حِين أَي: حِين الْمَوْت، وَقيل: إِلَى أَن يَأْتِيهم عَذَاب الله.
وَقَوله: ﴿وأبصرهم فَسَوف يبصرون﴾ قَالَ قَتَادَة: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر،
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفبعذابنا يستعجلون﴾ قد بَينا أَنهم قَالُوا: ﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء﴾ على مَا قَالَ الله، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع آخر: ﴿يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا﴾ أَي: يستعجل بالقيامة الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا نزل بِسَاحَتِهِمْ﴾ أَي: نزل بِسَاحَتِهِمْ، وَمَعْنَاهُ: أَصَابَهُم الْعَذَاب، وَقَوله: ﴿فسَاء صباح الْمُنْذرين﴾ أَي: فبئس صباح الَّذين أنذروا بِالْعَذَابِ، وَقد ثَبت أَن النَّبِي لما غزا خَيْبَر، وَوصل إِلَيْهَا رأى الْيَهُود وَقد خَرجُوا بمكاتلهم ومساحيهم من حصونهم؛ فَلَمَّا رآوا الْجَيْش، قَالُوا: مُحَمَّد وَالْخَمِيس؛ فَقَالَ النَّبِي: " الله أكبر خربَتْ خَيْبَر، إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وتول عَنْهُم حَتَّى حِين﴾ هُوَ بِمَعْنى الأول، وَذكره على التَّأْكِيد،
وَقَوله: ﴿وَأبْصر فَسَوف يبصرون﴾ أَي: انْتظر حالتهم وَمَا يؤول إِلَيْهِ أَمرهم؛ فينتظرون لحالهم وَمَا ينزل بهم.