﴿أرى وَمَا أهديكم إِلَّا سَبِيل الرشاد (٢٩) وَقَالَ الَّذِي آمن يَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم مثل يَوْم الْأَحْزَاب (٣٠) مثل دأب قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَالَّذين من بعدهمْ وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد (٣١) وَيَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم يَوْم التناد﴾ وَمَا رَأَيْت لكم من الْحق.
وَقَوله: ﴿وَمَا أهديكم إِلَّا سَبِيل الرشاد﴾ أَي: طَرِيق الرشد وَالْهَدْي. وَعَن معَاذ بن جبل أَنه قَرَأَ: " إِلَّا سَبِيل الرشاد " بتَشْديد الشين أَي: سَبِيل الله، والرشاد هُوَ الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمن يَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم مثل يَوْم الْأَحْزَاب﴾ الْأَحْزَاب: الْأُمَم الخالية مثل: قوم نوح، وَعَاد، وَثَمُود، وَمعنى يَوْم الْأَحْزَاب أَي: يَوْم عَذَابهمْ.
وَقَوله: ﴿مثل دأب قوم نوح وَعَاد وَثَمُود﴾ الدأب فِي اللُّغَة بِمَعْنى الْعَادة، وَمعنى قَوْله: ﴿مثل دأب قوم نوح﴾ أَي: مثل حَال قوم نوح وَعَاد وَثَمُود. وَيُقَال: كذب هَؤُلَاءِ وتعودوا التَّكْذِيب مثل عَادَة أُولَئِكَ فِي التَّكْذِيب.
وَقَوله: ﴿وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد﴾ مَعْنَاهُ: أَنه لَا يعذب أحدا حَتَّى يُقيم الْحجَّة عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم يَوْم التناد﴾ يَعْنِي: يَوْم التنادي. وَفِي معنى التنادي وُجُوه: أَحدهَا: أَنه تنادى كل أمة بكتابها وإمامها، قَالَه قَتَادَة.
وَالثَّانِي أَن مَعْنَاهُ: تنادى أهل الْجنَّة أهل النَّار، وَأهل النَّار أهل الْجنَّة، وَذَلِكَ وذكور فِي سُورَة الْأَعْرَاف، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ونادى أَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب النَّار أَن قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا﴾ الْآيَة، وَقَوله: ﴿ونادى أَصْحَاب النَّار أَصْحَاب الْجنَّة﴾ الْآيَة.