﴿من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب (٤٠) وَيَا قوم مَا لي أدعوكم إِلَى النجَاة وتدعونني إِلَى النَّار (٤١) تدعونني لأكفر بِاللَّه وأشرك بِهِ مَا لَيْسَ لي بِهِ علم وَأَنا أدعوكم إِلَى الْعَزِيز الْغفار (٤٢) لَا جرم أَنما تدعونني إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَة فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَأَن مردنا إِلَى الله وَأَن المسرفين هم أَصْحَاب النَّار (٤٣) فستذكرون مَا أَقُول لكم وأفوض أَمْرِي إِلَى الله إِن الله بَصِير بالعباد (٤٤) ﴾ وَيُقَال: بِغَيْر حِسَاب أَي: لَا يحْسب عَلَيْهِم قدر مكثهم فِي الْجنَّة واستمتاعهم، فَيَقُول: مكثهم كَذَا، وأكلهم كَذَا، وفعلهم كَذَا. وَقيل: بِغَيْر حِسَاب أَي: يزِيد فِي مُدَّة بقائهم فِي الْجنَّة على مُدَّة أَعْمَالهم إِلَى مَا لَا يتناهى من الْمدَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم مَالِي أدعوكم إِلَى النجَاة وتدعونني إِلَى النَّار تدعونني لأكفر بِاللَّه وأشرك بِهِ مَا لَيْسَ لي بِهِ علم وَأَنا أدعوكم إِلَى الْعَزِيز الْغفار﴾ الْعَزِيز هُوَ المنتقم من أعدائه، والغفار هُوَ السَّاتِر لذنوب عباده.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا جرم﴾ قد بَينا مَعْنَاهُ فِيمَا سبق، وَعَن الْمفضل الضَّبِّيّ الْكُوفِي أَنه قَالَ: لَا جرم أَي: لابد.
وَقَوله: ﴿أَنما تدعونني إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَة﴾ أَي: استجابة دَعْوَة فِي الدُّنْيَا. وَيُقَال: إِيصَال نفع فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة. وَيُقَال: جَوَاب قَوْله: ﴿فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة﴾.
وَقَوله: ﴿وَأَن مردنا إِلَى الله﴾ أَي: مرجعنا إِلَى الله.
وَقَوله: ﴿وَأَن المسرفين هم أَصْحَاب النَّار﴾ أَي: الْمُشْركين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فستذكرون مَا أَقُول لكم﴾ يَعْنِي: حِين تعاينون الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿وأفوض أَمْرِي إِلَى الله﴾ أَي: أسلم أَمْرِي إِلَى الله، وَقَالَ يحيى بن سَلام: أَي: أتوكل على الله.
وَقَوله: ﴿أَن الله بَصِير بالعباد﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon