﴿فوقاه الله سيئات مَا مكروا وحاق بآل فِرْعَوْن سوء الْعَذَاب (٤٥) النَّار يعرضون عَلَيْهَا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فوقاه الله سيئات مَا مكروا﴾ اخْتلف القَوْل فِي نجاته، مِنْهُم من قَالَ: نجا حِين نجا مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل، وَذَلِكَ عِنْد مُجَاوزَة الْبَحْر. وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ قُدَّام مُوسَى حِين توجهوا إِلَى الْبَحْر، فَقَالَ: إِلَى أَيْن يَا نَبِي الله؟
قَالَ: أمامك.
فَقَالَ: إِنَّمَا أَمَامِي الْبَحْر.
فَقَالَ: وَالله مَا كذبت وَمَا كذبت.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن مُؤمن آل فِرْعَوْن لما قَالَ هَذِه الْأَقْوَال، ونصح هَذِه النَّصِيحَة طلبه فِرْعَوْن ليَقْتُلهُ فهرب، فَبعث فِي طلب جمَاعَة، فوجدوه فِي حَبل يُصَلِّي وحواليه السبَاع يحرسونه ففزعوا وَرَجَعُوا.
وَقَوله: ﴿وحاق بآل فِرْعَوْن﴾ أَي: نزل بآل فِرْعَوْن، ﴿سوء الْعَذَاب﴾ أَي: الْعَذَاب السيء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا﴾ أَكثر الْمُفَسّرين أَن هَذَا فِي الْقَبْر. وَمن الْمَعْرُوف عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي حواصل طير سود يردون النَّار غدوا وعشيا. وَقد ثَبت بِرِوَايَة مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن النَّبِي قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا مَاتَ يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، إِن كَانَ من أهل فالجنة، وَإِن كَانَ من أهل النَّار النَّار، وَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بذلك الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق الْكشميهني، أخبرنَا أَبُو الْهَيْثَم جدي، أخبرنَا الْفربرِي، أخبرنَا البُخَارِيّ، أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، عَن مَالك... الحَدِيث.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَنه الْعرض على النَّار يَوْم الْقِيَامَة.