المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٣
[المجلد الأول ]

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

مقدمة «المحرر الوجيز» لابن عطية
الحمد للّه وسلام على عباده الذين اصطفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى. وبعد - فقد قال ربنا جل شأنه كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص : ٢٩] وقال سبحانه : وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر : ٢٧، ٢٨].
وقال عز من قائل : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد : ٢٤] وقال عز شأنه : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر : ١٧] وقال عبد اللّه بن مسعود : من أراد العلم فليثوّر القرآن «١».
وفي رواية أخرى أثيروا القرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين.
وتثوير القرآن : مناقشته ومدارسته والبحث فيه. وهو ما يعرف به.
علم التفسير
وهو في اللغة : مصدر فسّر.. بمعنى الإيضاح والتبيين. قال تعالى : وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان : ٣٣] أي بيانا وتفصيلا.
والفسر : البيان وكشف المغطى.
قال أبو حيان : ويطلق التفسير أيضا على التعرية للانطلاق، يقال : فسرت الفرس : عرّيته لينطلق، وهو راجع لمعنى الكشف، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري.
أما في الاصطلاح
فقد عرف بعدة تعريفات منها :
هو : علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتمات ذلك «٢».
________
(١) من رفعه وهم، انظر مجمع الزوائد (٧/ ١٦٥).
(٢) هكذا عرفه أبو حيان في مقدمة البحر المحيط (١٠/ ١٣).


الصفحة التالية
Icon